باب الشروط في النكاح .
والمعتبر منها : ما كان في صلب العقد واختار الشيخ تقي الدين : أو اتفقا عليه قبله وقال : على هذا جواب أحمد في مسائل الحيل قال في الإنصاف : وهو الصواب الذي لا شك فيه فإن لم يقع الشرط إلا بعد لزوم العقد لم يلزم نص عليه .
وهي قسمان : صحيح لازم للزوج فليس له فكه : كزيادة مهر أو نقد معين أو لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يتزوج عليها أو لا يفرق بينها وبين أبويها أو أولادها أو أن ترضع ولدها أو يطلق ضرتها لأن لها فيه قصدا صحيحا ويروي صحة الشرط في النكاح وكون الزوج لا يملك فكه : عن عمر وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم ويؤيده حديث : [ إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج ] متفق عليه وحديث : [ المسلمون على شروطهم ] وروى الأثرم [ أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها دارها ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر فقال : لها شرطها فقال الرجل : إذا يطلقننا فقال عمر : مقاطع الحقوق عند الشروط ] قال في الشرح : وإن شرط طلاق ضرتها فالصحيح أنه باطل [ لنهيه A أن تشترط المرأة طلاق أختها ] متفق عليه .
فمتى لم يف بما شرط كان لها الفسخ على التراخي لما تقدم ولأنه شرط لازم في عقد فثبت حق الفسخ بفواته كشرط الرهن في البيع قاله في الكافي .
ولا يسقط ملكها الفسخ .
إلا بما يدل على رضاها من قول أو تمكين مع العلم أي : مع علمها بعدم وفائه لها بما شرطت عليه .
والقسم الفاسد نوعان : .
1 - نوع يبطل النكاح وهو : ثلاثة أقسام : أحدها : نكاح الشغار .
وهو : أن يزوجه موليته بشرط أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر بينهما قال في الكافي : ولا تختلف الرواية عن أحمد في فساده .
أو يجعل بضع كل واحدة مع دراهم معلومة مهرا للأخرى وروي عن عمر وزيد بن ثابت أنهما فرقا فيه - أي : بين المتناكحين - لحديث ابن عمر أن النبي A [ نهى عن الشغار ] - والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق - متفق عليه وعن الأعرج [ أن العباس بن عبدالله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبدالرحمن ابنته وكانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى مروان يأمره أن يفرق بينهما وقال في كتابه : هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله A ] رواه أحمد وأبو داود ولأنه شرط عقد في عقد فلم يصح كما لو باعه ثوبه بشرط أن يبيعه ثوبه 2 - نكاح المحلل وقد ذكره بقوله : .
أو يتزوج بشرط أنه : إذا أحلها طلقها وهو باطل حرام في قول عامة أهل العلم قاله في الشرح لحديث : [ لعن الله المحلل والمحلل له ] رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي A منهم : عمر بن الخطاب وابنه وعثمان بن عفان وروي عن علي وابن عباس .
أو ينويه أي : ينوي الزوج التحليل .
بقلبه فالنكاح باطل أيضا نص عليه لعموم ما سبق وروى نافع عن ابن عمر أن رجلا قال له : تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني ولم يعلم ؟ قال لا إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها وإن كرهتها فارقتها قال : وإن كنا نعده على عهد رسول الله A سفاحا وقال : لا يزالا زانيين و إن مكثا عشرين سنة إذا علم أنه يريد أن يحلها وهذا قول عثمان وجاء رجل إلى ابن عباس فقال : إن عمي طلق امرأته ثلاثا أيحلها له رجل ؟ قال : من يخادع الله يخدعه .
أو يتفقا عليه قبل العقد ولم يذكر فيه فلا يصح إن لم يرجع عنه وينو حال العقد أنه نكاح رغبة فإن حصل ذلك صح لخلوه عن نية التحليل وشرطه وعليه يحمل حديث ذي الرقعتين وهو : ما روى أبو حفص بإسناده عن محمد بن سيرين قال : [ قدم مكة رجل ومعه إخوة له صغار وعليه إزار من بين يديه رقعة ومن خلفه رقعة فسأل عمر فلم يعطه شيئا فبينما هو كذلك إذ نزغ الشيطان بين رجل من قريش وبين امرأته فطلقها ثلاثا فقال : هل لك أن تعطي ذا الرقعتين شيئا ويحلك لي ؟ قالت : نعم إن شئت فأخبروه بذلك قال : نعم فتزوجها فدخل بها فلما أصبحت أدخلت إخوته الدار فجاء القرشي يحوم حول الدار ويقول يا ويله ! غلب على امرأته فأتى عمر فقال : يا أمير المؤمنين غلبت على امرأتي قال : من غلبك ؟ قال : ذو الرقعتين قال : أرسلوا إليه فلما جاءه الرسول قالت له المرأة : كيف موضعك من قومك ؟ قال : ليس بموضعي بأس قالت : إن أمير المؤمنين يقول لك : طلق امرأتك فقل : لا والله لا أطلقها فإنه لا يكرهك فألبسته حلة فلما رآه عمر قال : الحمد لله الذي رزق ذا الرقعتين فدخل عليه فقال : تطلق امرأتك ؟ قال : لا والله لا أطلقها قال عمر : لو طلقتها لأوجعت رأسك بالسوط ] ورواه سعيد بنحوه وقال : من أهل المدينة ولهذا قالوا : من لا فرقة بيده لا أثر لنيته .
3 - نكاح المتعة وقد ذكره بقوله : .
أو يتزوجها إلى مدة أو يشترط طلاقها في العقد بوقت كذا .
وهو باطل نص عليه قال ابن عبد البر : على تحريمه مالك وأهل المدينة وأبو حنيفة في أهل الكوفة والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر والشافعي وسائر أصحاب الآثار ذكره في الشرح لحديث الربيع بن سبرة قال : [ أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله A : نهى عنه في حجة الوداع وفي لفظ : أن رسول الله A : حرم متعة النساء ] رواه أبو داود ولمسلم عن سبرة : [ أمرنا رسول الله A بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج حتى نهانا عنها ] وحكي عن ابن عباس الرجوع عن قوله بجواز المتعة قال سعيد بن جبير لابن عباس : لقد سارت بفتياك الركبان وقال فيها الشعراء ! قال ابن عباس : وما ذاك ؟ قال : قالوا : .
( قد قلت للشيخ لما طال محبسه ... يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس ) .
( هل لك في رخصة الأطراف آنسة ... تكون مثواك حتى مصدرالناس ) .
فقال : سبحان الله ما بهذا أفتيت وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير ولا تحل إلا للمضطر .
وأما إذن النبي A فيها فقد ثبت نسخه قال الشافعي : لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة .
أو ينويه بقلبه أي : ينوي الزوج طلاقها بوقت كذا .
أو يتزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج لأنه شبيه بالمتعة وقال في الشرح : وإن تزوجها بغير شرط إلا أن نيته طلاقها بعد شهر أو إذا انقضت حاجته فهو صحيح في قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي فقال : هو نكاح متعة .
أو يعلق نكاحها كـ : زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو : إن رضيت أمها أو : إن وضعت زوجتي إبنة فقد زوجتكها فيبطل النكاح لأنه عقد معاوضة فلا يصح تعليقه على شرط مستقبل كالبيع .
2 - لا يبطله كأن يشترط أن لا مهر لها ولا نفقة أو أن يقسم لها أكثر من ضرتها أو أقل أو إن فارقها رجع عليها بما أنفق فيصح النكاح دون الشرط لمنافاته مقتضى العقد وتضمنه إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده كإسقاط الشفيع شفعته قبل البيع والعقد صحيح لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره فيه ولا يضر الجهل به فلم يبطله وكذا إن شرط أن لا يطأها أو يعزل عنها أو لا يقسم لها إلا في النهار دون الليل ونقل عن أحمد : ما يحتمل إبطال العقد فروي عنه في النهاريات والليليات : ليس هذا من نكاح أهل الإسلام وكان الحسن وعطاء : لا يريان بتزويج النهاريات بأسا ذكره في الشرح