باب الجعالة .
وهي جعل مال معلوم لمن يعمل له عملا مباحا ولو مجهولا كقوله : من رد لقطتي أو بنى لي هذا الحائط أو أذن بهذا المسجد شهرا فله كذا قال في الشرح : ولا نعلم فيه مخالفا لقوله { ولمن جاء به حمل بعير } [ يوسف : 72 ] وحديث أبي سعيد [ في رقية اللديغ على قطيع من الغنم ] متفق عليه انتهى ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك في رد الضالة ونحوها ولا تجوز الإجارة عليه للجهالة فدعت الحاجة إلى العوض مع جهالة العمل .
فمن فعل العمل بعد أن بلغه الجعل استحقه كله لما تقدم لاستقراره بتمام العمل كالربح في المضاربة .
وإن بلغه في أثناء العمل استحق حصة تمامه لأن عمله قبل بلوغه غير مأذون فيه فلا يستحق عنه عوضا لتبرعه به .
وبعد فراغ العمل لم يستحق شيئا لذلك .
وإن فسخ الجاعل قبل تمام العمل لزمه للعامل .
أجرة المثل لما عمل لأنه عمل بعوض لم يسلم له ولا شئ لما يعمله بعد الفسخ لأنه غير مأذون فيه .
وإن فسخ العامل قبل تمام العمل .
فلا شئ له لأنه أسقط حق نفسه حيث لم يأت بما شرط عليه .
وإن زاد جاعل في جعل أو نقص منه قبل شروع في عمل جاز وعمل به لأنه عقد جائز كالمضاربة .
ومن عمل لغيره عملا بإذنه من غير أجرة أو جعالة فله أجرة مثله لدلالة العرف على ذلك .
وبغير إذنه فلا شئ له لا نعلم فيه خلافا قاله في الشرح لأنه متبرع حيث بذل منفعته من غير عوض فلم يستحقه ولئلا يلزم الإنسان ما لم يلتزمه ولم تطب به نفسه .
إلا في مسألتين الأولى : أن يخلص متاع غيره من مهلكه كغرق وفم سبع وفلاة يظن هلاكه في تركه .
فله أجرة مثله لأنه يخشى هلاكه وتلفه على مالكه وفيه حث وترغيب في إنقاذ الأموال من الهلكة .
الثانية : أن يرد رقيقا آبقا لسيده فله ما قدره الشارع وهو دينار أو اثنا عشر درهما لقول ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار : [ إن النبي A جعل رد الآبق إذا جاء به خارجا من الحرم دينارا ] ولأن ذلك يروى عن عمر وعلي Bهما ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة وسواء كان يساويها أو لا قال في الكافي : ولأن في ذلك حثا على رد الأباق وصيانة عن الرجوع إلى دار الحرب وردتهم عن دينهم فينبغي أن يكون مشروعا انتهى ونقل ابن منصور : سئل أحمد عن الآبق فقال : لا أدري قد تكلم الناس فيه لم يكن عنده فيه حديث صحيح وعنه : إن رده من خارج المصر فله أربعون درهما وإن رده من المصر فله دينار لأنه يروى عن ابن مسعود Bه