باب إحياء الموات .
وهي : الأرض الخراب الدارسة التي لم يجر عليها ملك لأحد ولم يوجد فيها أثر عمارة فتملك بالإحياء قال في المغني : بغير خلاف نعلمه بين القائلين بالإحياء .
أو وجد فيها أثر ملك أو عمارة كالخرب التي ذهبت أنهارها واندرست آثارها ولم يعلم لها مالك كآثار الروم ومساكن ثمود ملكت بالإحياء لأنها في دار الإسلام فتملك كاللقطة وروى سعيد في سننه عن طاوس مرفوعا : [ عادي الأرض لله ورسوله ثم هي لكم بعد ] ورواه أبو عبيد في الأموال وقال : عادي الأرض التي بها مساكن في آباد الدهر فانقرضوا نسبهم إلى عاد لأنهم مع تقدمهم ذوو قوة وآثار كثيرة فنسب كل أثر قديم إليهم .
فمن أحيا شيئا من ذلك ولو كان ذميا ملكه لعموم الخبر ولأنه من أهل دار الإسلام فملك بالإحياء كتملكه مباحاتها من حشيش وحطب وغيرهما .
أو بلا إذن الإمام ملكه كأخذ المباح لحديث جابر مرفوعا : [ من أحيا أرضا ميتة فهي له ] صححه الترمذي وعن سعيد بن زيد مرفوعا : [ من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق ] حسنه الترمذي .
وروى مالك وأبو داود عن عائشة مثله قال ابن عبد البر : وهو سند صحيح متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم قال في المغني : وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه ويملكه محييه .
بما فيه من معدن جامد كذهب وفضة وحديد وكحل لأنه من أجزاء الأرض فتبعها في الملك كما لو اشتراها بخلاف الركاز لأنه مودع فيها للنقل وليس من أجزائها وهذا في المعدن الظاهر إذا ظهر بإظهاره وحفره وأما ما كان ظاهرا فيها قبل إحيائها فلا يملك لأنه قطع لنفع كان واصلا للمسلمين بخلاف ما ظهر بإظهاره فلم يقطع عنهم شيئا .
ولا خراج عليه إلا إن كان ذميا فعليه خراج ما أحيا من موات عنوة لأنها للمسلمين فلا تقر في يد غيرهم بدون خراج وأما غير العنوة كأرض الصلح وما أسلم أهله عليه فالذمي فيه كالمسلم .
لا ما فيه من معدن جار : كنفط وقار وما نبت فيه من كلأ أو شجر لحديث : [ الناس شركاء فى ثلاث : في الماء والكلإ والنار ] رواه الخلال وابن ماجة من حديث ابن عباس وزاد فيه : [ وثمنه حرام ] ولأنها ليست من أجزاء الأرض فلم تملك بملكها كالكنز ولكنه أحق به لحديث : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو له ] رواه أبو داود .
وفي لفظ فهو أحق به .
ومن حفر بئرا بالسابلة ليرتفق بها كالسفارة لشربهم ودوابهم فهم أحق بمائها ما أقاموا عليها ولا يملكونها لجزمهم بانتقالهم عنها وتركها لمن ينزل منزلتهم بخلاف التملك .
وبعد رحيلهم تكون سبيلا للمسلمين لعدم أولوية أحد من غير الحافرين على غيره .
فإن عادوا كانوا أحق بها من غيرهم لأنهم إنما حفروها لأنفسهم ومن عادتهم الرحيل والرجوع فلا تزول أحقيتهم به