فصل .
والإجارة ضربان : .
الأول : على عين فإن كانت موصوفة اشترط فيها استقصاء صفات السلم لاختلاف الأغراض باختلاف الصفات ولأن ذلك أقطع للنزاع وأبعد من الغرر فإن لم توصف أدى إلى التنازع .
وكيفية السير من هملاج وغيره لأن سيرهما يختلف .
لا الذكورة والأنوثة والنوع كالفرس عربيا أو برذونا والجمل بختيا أو من العراب لأن التفاوت بينهما يسير وقال القاضي : يفتقر إلى معرفته لتفاوتهما .
وإن كانت معينة اشترط معرفتها أي : العين المؤجرة كالمبيع لاختلاف الغرض باختلاف العين وصفاتها .
والقدرة على تسليمها فلا تصح إجارة الآبق ولا المغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه ولا يجوز إجارة المسلم للذمي لخدمته نص عليه لتضمنها حبس المسلم عند الكافر وإذلاله أشبه بيع المسلم للكافر وإن كان في عمل شئ جاز بغير خلاف قاله في الشرح لحديث علي : [ أنه آجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة وجاء به إلى النبي A فأكل منه ] رواه أحمد وابن ماجة بمعناه .
وكون المؤجر يملك نفعها فلو آجر ما لا يملكه بغير إذن مالكه لم يصح كبيعه .
وصحة بيعها بخلاف كلب وخنزير ونحوهما .
سوى حر فتصح إجارته لما تقدم ولأن منافعه مملوكة تضمن بالغصب أشبهت منافع القن .
ووقف أي : موقوف لأن منافعه مملوكة للموقوف عليه .
وأم ولد لأن منافعها مملوكة لسيدها فيصح أن يؤجرها وإنما يحرم بيعها .
واشتمالها على النفع المقصود منها فلا تصح في زمنة لحمل وسبخة لزرع لأن الإجارة عقد على المنفعة ولا يمكن تسليمها من هذه العين .
الثاني : على منفعة في الذمة فيشترط ضبطها بما لا يختلف كخياطة ثوب بصفة كذا أو بناء حائط يذكر طوله وعرضه وسمكه وآلته وحمل شئ يذكر جنسه وقدره وأن الحمل لمحل معين لما تقدم .
وأن لا يجمع بين تقدير المدة والعمل : كيخيطه في يوم لأنه قد يفرغ منه قبل انقضاء اليوم فإن استعمل في بقيته فقد زاد على المعقود عليه وإن لم يعمل فقد تركه في بعض زمنه فيكون غررا يمكن التحرز منه .
وكون العمل لا يشترط أن يكون فاعله مسلما فلا تصح الإجارة لأذان وإقامة وتعليم قرآن وفقه وحديث ونيابة في حج وقضاء ولا يقع إلا قربة لفاعله ويحرم أخذ الأجرة عليه لقوله A لعثمان بن أبي العاص : [ واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ] رواه أبو داود والترمذي وحسنه وعن أبي بن كعب قال : [ علمت رجلا القرآن فأهدى لي قوسا فذكرت ذلك للنبي A فقال : إن أخذتها أخذت قوسا من نار فرددتها ] رواه ابن ماجه وكره إسحاق تعليم القرآن بأجرة قال عبد الله بن شقيق : هذه الرغفان الذي يأخذها المعلمون من السحت وعنه : يصح وأجازه مالك والشافعي لقوله A : [ أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ] رواه البخاري فأباح أخذ الجعل عليه فكذا الأجرة فإن أعطي من غير شرط جاز قال الإمام أحمد : لا يطلب ولا يشارط فان أعطي شيئا أخذه وقال : أكره أجرة العلم إذا شرطه وأما ما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة كتعليم الخط والحساب وبناء المساجد فيجوز أخذ الأجرة عليه فأما ما لا يتعدى نفعه من العبادات المحضة كالصيام والصلاة فلا يجوز أخذ الأجرة عليه بغير خلاف قاله في الشرح .
وتجوز الجعالة على ذلك لأنها أوسع من الإجارة ولهذا جازت مع جهالة العمل والمدة وعلى رقية نص عليه لحديث أبي سعيد : [ في رقية اللديغ على قطيع من الغنم - وفيه : - فقدموا على رسول الله A فذكروا له ذلك فقال : وما يدريكم أنها رقية ؟ ثم قال : أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم سهما وضحك النبي A ] رواه الجماعة إلا النسائي ويجوز أخذ رزق من بيت المال أو من وقف على عمل يتعدى نفعه كقضاء وتعليم قرآن وحديث وفقه ونيابة في حج وتحمل شهادة وأدائها وأذان ونحوها لأنها من المصالح وليس بعوض بل رزق للإعانة على الطاعة ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة ولا يقدح في الإخلاص وإلا لما استحقت الغنائم وسلب القاتل