فصل .
الثاني : المضاربة وهي : أن يدفع ماله إلى إنسان ليتجر فيه ويكون الربح بينهما بحسب ما يتفقان عليه وهي جائزة بالإجماع حكاه في الكافي و الشرح وذكره ابن المنذر ويروى إباحتها عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام Bهم في قصص مشتهرة ولا مخالف لهم فيكون إجماعا .
1 - وشروطها ثلاثة : 1 - أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين كما تقدم في شركة العنان .
2 - أن يكون معينا فلا تصح إن قال : ضارب بما في أحد هذين الكيسين للجهالة كالبيع .
معلوما فلا تصح بصبرة دراهم أو دنانير إذ لابد من الرجوع إلى رأس المال عند الفسخ ليعلم الربح ولا يمكن ذلك مع الجهل .
ولا يعتبر قبضه بالمجلس فتصح وإن كان بيد ربه لأن مورد العقد العمل .
ولا القبول فتكفي مباشرته للعمل ويكون قبولا لها كالوكالة وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه أنه لا يجوز أن يجعل الرجل دينا له على رجل مضاربة انتهى وإن أخرج مالا ليعمل فيه وآخر والربح بينهما صح نص عليه .
3 - أن يشترط للعامل جزء معلوم من الربح مشاعا كنصفه أو ربعه أو ثمنه أو ثلثه أو سدسه [ لأن النبي A عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها ] والمضاربة في معناها فإن شرطا لأحدهما فى الشركة والمضاربة دراهم معلومة أو ربح أحد الثوبين لم يصح قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة .
فإن فقد شرط فهي فاسدة ويكون للعامل أجرة مثله نص عليه كالإجارة الفاسدة لأنه بذل منافعه بعوض لم يسلم له والتصرف صحيح لأنه بإذن رب المال .
وما حصل من خسارة فعلى المالك لأن كل عقد لا ضمان في صحيحه لا ضمان في فاسده .
أو ربح فللمالك لأنه نماء ماله وإن شرط عليه ما فيه غرض صحيح فخالف ضمن [ لأن حكيم بن حزام كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالا مقارضة يضرب له به : أن لا تجعل مالي في كبد رطبة ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل فإن فعلت شيئا من ذلك فقد ضمنت مالي ] رواه الدارقطني .
وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال لقرابة أو تعليق أو إقرار بحريته إلا بإذنه لأن عليه فيه ضررا والمقصود من المضاربة الربح وهو منتف هنا .
فإن فعل صح الشراء لأنه مال متقوم قابل للعقود فصح شراؤه كغيره و : .
عتق على رب المال لتعلق حقوق العقد به وولاؤه له .
وضمن العامل .
ثمنه الذي اشتراه به لتفريط .
ولو لم يعلم لأن الإتلاف الموجب للضمان يستوي فيه العلم والجهل وقال أبو بكر : إن لم يعلم لم يضمن لأنه معذور كما لو اشترى معيبا لم يعلم عيبه .
ولا نفقة للعامل لأنه دخل على العمل بجزء مسمى فلا يستحق غيره كالمساقي .
إلا بشرط نص عليه كالوكيل وقال الشيخ تقي الدين و ابن القيم : أو عادة فإذا شرط نفقته فله ذلك لقوله A : [ المؤمنون على شروطهم ] ويستحب تقديرها لأنه أبعد من الغرر .
فإن شرطت مطلقة جاز لأن لها عرفا تنصرف إليه .
واختلفا فله نفقة مثله عرفا من طعام وكسوة لأن إطلاقها يقتضي جميع ما هو من ضروراته المعتادة قال الإمام أحمد : ينفق على ما كان ينفق غير متعد للنفقة ولا مضر بالمال .
ويملك العامل حصته من الربح بظهوره قبل القسمة كالمالك قال أبوالخطاب : رواية واحدة كما في المساقاة والمزارعة لأن الشرط صحيح فيثبت مقتضاه وهو أن يكون له جزء من الربح فإذا وجد وجب أن يملكه بحكم الشرط ولأنه يملك المطالبة بقسمته فملكه كالمشترك ولو لم يعمل المضارب إلا أنه صرف الذهب بورق فارتفع الصرف استحقه نص عليه .
لا الأخذ منه أي : الربح .
إلا بإذن رب المال لا نعلم فيه خلافا قاله في الشرح لأن نصيبه مشاع فلا يقاسم نفسه ولأن ملكه له غير مستقر لأنه وقاية لرأس المال .
وحيث فسخت والمال عرض فرضي ربه بأخذه أي : مال المضاربة على صفته التي هو عليها .
قومه ودفع للعامل حصته من الربح الذي ظهر بتقويمه وملك ما قابل حصة العامل من الربح لأنه أسقط عن العامل البيع فلا يجبر على بيع ماله بلا حظ للعامل فيه .
وإن لم يرض رب المال بعد فسخها بأخذ العرض .
فعلى العامل بيعه وقبض ثمنه لأن عليه رد المال ناضا كما أخذه على صفته .
والعامل أمين لأنه يتصرف في المال بإذن ربه ولا يختص بنفعه أشبه الوكيل .
يصدق بيمينه في قدر رأس المال لأنه منكر للزائد والأصل عدمه .
وفي الربح وعدمه وفي الهلاك والخسران إن لم تكن بينة لأن ذلك مقتضى تأمينه .
حتى ولو أقر بالربح ثم ادعى تلفا أوخسارة بعد الربح قبل قوله لأنه أمين ولا يقبل قوله إن ادعى غلطا أو كذبا أو نسيانا لأنه مقر بحق لآدمي فلم يقبل رجوعه كالمقر بدين .
ويقبل قول المالك في قدر ما شرط للعامل بعد ربح مال المضاربة نص عليه لأنه ينكر الزائد فإن أقاما بينتين قدمت بينة العامل