باب ذكر دخول مكة وما يتعلق به من الطواف والسعي .
يسن دخول مكة من أعلاها والخروج من أسفلها .
و يسن دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة لما روى مسلم وغيره عن جابر [ أن النبي A دخل مكة ارتفاع الضحى وأناخ راحلته عند باب بني شيبة ثم دخل ] ويسن أن يقول عند دخوله : بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله اللهم افتح لي أبواب فضلك ذكره في أسباب الهداية .
فإذا رأى البيت رفع يديه [ لفعله A ] رواه الشافعي عن ابن جريج وقال ما ورد ومنه : [ اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني أهلا لذلك الحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني واعف عني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ] يرفع بذلك صوته .
ثم يطوف مضطبعا في كل أسبوعه استحبابا إن لم يكن حامل معذور بردائه والاضطباع : أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر وإذا فرغ من الطواف أزال الاضطباع يبتدئ المعتمر بطواف العمرة لأن الطواف تحية المسجد الحرام فاستحبت البدأة به و [ لفعله A ] و يطوف القارن والمفرد للقدوم وهو الورود .
فيحاذي الحجر الأسود بكله أي بكل بدنه فيكون مبدأ طوافه [ لأنه A كان يبتدئ به ] ويستلمه أي يمسح الحجر بيده اليمنى وفي الحديث [ أنه نزل من الجنة أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ] رواه الترمذي وصححه .
ويقبله لما ورى عمر [ أن النبي A استقبل الحجر ووضع شفتيه عليه يبكي طويلا ثم التفت فإذا بعمر بن الخطاب يبكي فقال : يا عمر ها هنا تسكب العبرات ] رواه ابن ماجة نقل الأثرم ويسجد عليه وفعله ابن عمر وابن عباس .
فإن شق استلامه وتقبيله لم يزاحم واستلمه بيده و قبل يده لما روى مسلم عن ابن عباس [ أن النبي A استلمه وقبل يده ] .
فإن شق استلمه بشئ وقبله روي عن ابن عباس .
فإن شق اللمس أشار إليه أي إلى الحجر بيده أو بشئ ولا يقبله لما روى البخاري عن ابن عباس قال : [ طاف النبي A على بعير فلما أتى الحجر أشار إليه بشئ في يده وكبر ] .
ويقول مستقبل الحجر بوجهه كلما استلمه ما ورد ومنه : بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد A [ لحديث عبدالله بن السائب أن النبي A كان يقول ذلك عند استلامه ] .
ويجعل البيت عن يساره لأنه A طاف كذلك وقال : [ خذوا عني مناسككم ] .
ويطوف سبعا يرمل الأفقي أي المحرم من بعيد من مكة في هذا الطواف فقط إن طاف ماشيا فيسرع المشي ويقارب الخطا ثلاثا أي في ثلاثة أشواط ثم بعد أن يرمل الثلاثة أشواط يمشي أربعا من غير رمل [ لفعله A ] .
ولا يسن رمل لحامل معذور ونساء ومحرم من مكة أوقربها ولا يقضي الرمل إن فات في الثلاثة الأول والرمل أولى من الدنو من البيت ولا يسن رمل ولا اضطباع في غير هذا الطواف .
و يسن أن يستلم الحجر والركن اليماني كل مرة عند محاذاتهما لقول ابن عمر : [ كان رسول الله A لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في طوافه ] قال نافع : كان ابن عمر يفعله رواه أبو داود .
فإن شق استلامهما أشار إليهما لا الشامي وهو أول ركن يمر به ولا الغربي وهو ما يليه ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : [ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ] وفي بقية طوافه : [ اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ] .
وتسن القراءة فيه .
ومن ترك شيئا من الطواف ولو يسيرا من شوط من السبعة لم يصح لأنه A طاف كاملا وقال : [ خذوا عني مناسككم ] أو لم ينوه أي ينوي الطواف لم يصح لأنه عبادة أشبه الصلاة ولحديث [ إنما الأعمال بالنيات ] أو لم ينو نسكه بأن أحرم مطلقا طاف قبل أن يصرف إحرامه لنسك معين لم يصح طوافه أو طاف على الشاذروان - بفتح الذال - وهو ما فضل عن جدار الكعبة لم يصح طوافه لأنه من البيت فإذا لم يطف به لم يطف بالبيت جميعه أو طاف على جدارالحجر - بكسر الحاء المهملة - لم يصح طوافه لأنه A طاف من وراء الحجر والشاذروان وقال : [ خذوا غي مناسككم ] أو طاف وهو عريان أو نجس أو محدث لم يصح طوافه لقوله A : [ الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ] رواه الترمذي والأثرم عن ابن عباس .
ويسن فعل باقي المناسك كلها على طهارة وإن طاف المحرم لابس مخيط صح وفدى .
ثم إذا تم طوافه يصلي ركعتين نفلا يقرأ فيهما بـ [ قل يا أيها الكافرون ] و [ الإخلاص ] بعد [ الفاتحة ] وتجزى مكتوبة عنهما وحيث ركعهما جاز والأفضل كونهما خلف المقام لقوله تعالى : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } .
ثم بعد الصلاة يعود و يستلم الحجر [ لفعله A ] ويسن الإكثار من الطواف كل وقت ويخرج إلى الصفا من بابه أي باب الصفا ليسعى فيرقاه أي الصفا حتى يرى البيت فيستقبله ويكبر ثلاثا ويقول ما ورد ثلاثا ومنه : [ الحمد لله على ما هدانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ] ويدعو بما أحب ولا يلبي .
ثم ينزل من الصفا ماشيا إلى أن يبقى بينه وبين العلم الأول وهو الميل الأخضر في ركن المسجد نحو ستة أذرع ثم سعى ماشيا سعيا شديدا إلى العلم الآخر وهو الميل الأخضر بفناء المسجد حذاء دار العباس ثم يمشي ويرقى المروة ويقول ما قاله على الصفا ثم ينزل من المروة فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه الى الصفا يفعل ذلك أي ما ذكر من المشي والسعي سيعا ذهابه سعية ورجوعه سعية يفتتح بالصفا ويختتم بالمروة .
ويجب استيعاب ما بينهما في كل مرة فيلصق عقبه بأصلهما إن لم يرقهما فإن ترك مما بينهما شيئا - ولو دون ذراع - لم يصح سعيه .
فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول فلا يحتسبه ويكثر من الدعاء والذكر في سعيه قال أبو عبدالله : كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة قال : رب اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم .
ويشترط له نية وموالاة وكونه بعد طواف نسك ولو مسنونا .
وتسن فيه الطهارة من الحدث والنجس والستارة أي ستر العورة فلو سعى محدثا أو نجسا أو عريانا أجزأه .
و تسن الموالاة بينه وبين الطواف والمرأة لا ترقى الصفا ولا المروة ولا تسعى سعيا شديدا وتسن مبادرة معتمر بذلك .
ثم إن كان متمتعا لا هدي معه قصر من شعره - ولو لبده - ولا يحلقه ندبا ليوفره للحج وتحلل لأنه تمت عمرته وإلا بأن كان مع المتمتع هدي لم يقصر و حل إذا حج فيدخل الحج على العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا والمعتمر غير المتمتع يحل سواء كان معه هدي أو لم يكن في أشهر الحج أو غيرها .
والمتمتع والمعتمر إذا شرع في الطواف قطع التلبية لقول ابن عباس يرفعه : [ كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر ] قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ولا بأس بها في طواف القدوم سرا