كتاب الزكاة .
لغة : النماء والزيادة يقال : زكا الزرع : إذا نما وزاد وتطلق على المدح والتطهير والصلاح وسمي المخرج زكاة لأنه يزيد في المخرج منه ويقيه الآفات .
وفي الشرع : حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص .
تجب الزكاة في سائمة بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة ويأتي تفصيلها بشروط خمسة : .
أحدها : حرية فلا تجب على عبد لأنه لا مال له ولا على مكاتب لأنه عبد وملكه غير تام وتجب على مبعض بقدر حريته .
و الثاني : إسلام فلا تجب على كافر أصلي أو مرتد فلا يقضيها إذا أسلم .
و الثالث : ملك نصاب ولو لصغير أو مجنون لعموم الأخبار وأقوال الصحابة فإن نقص عنه فلا زكاة إلا الركاز .
و الرابع : استقراره أي تمام الملك في الجملة فلا زكاة في دين الكتابة لعدم استقراره لأنه يملك تعجيز نفسه .
و الخامس : مضي الحول لقول عائشة عن النبي A : [ لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ] رواه ابن ماجة ورفقا بالمالك ليتكامل النماء فيواسي منه ويعفى فيه عن نصف يوم في غير المعشر أي الحبوب والثمار لقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده } وكذا المعدن والركاز والعسل قياسا عليهما فإن استفاد مالا بإرث أو هبة ونحوهما فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول إلا نتاج السائمة وربح التجارة ولو لم يبلغ النتاج أو الربح نصابا فإن حولهما حول أصلهما فيجب ضمها إلى ما عنده وإن كان الأصل نصابا لقول عمر : [ اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم ] رواه مالك ولقول علي : عد عليهم الصغار والكبار فلو ماتت واحدة من الأمات فنتجت سخلة انقطع بخلاف ما لو نتجت ثم ماتت وإلا يكن الأصل نصابا ف حول الجميع من كماله نصابا فلو ملك خمسا وثلاثين شاة فنتجت شيئا فشيئا فحولها من حين تبلغ أربعين وكذا لو ملك ثمانية عشر مثقالا وربحت شيئا فشيئا فحولها منذ بلغت عشرين ولا يبني الوارث على حول الموروث ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ويزكي كل واحد إذا تم حوله .
ومن كان له دين أو حق من مغصوب أو مسروق أو موروث مجهول ونحوه من صداق وغيره كثمن مبيع وقرض على مليء باذل أو غيره أدى زكاته إذا قبضه لما مضى روي عن علي لأنه يقدر على قبضه والانتفاع به قصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة أو لا ولو قبض دون نصاب زكاه وكذا لو كان بيده دون نصاب وباقيه دين أوغصب أو ضال والحوالة به أو الإبراء كالقبض .
ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب فالدين وإن لم يكن من جنس المال مانع من وجوب الزكاة في قدره ولو كان المال المزكى ظاهرا كالمواشى والحبوب والثمار وكفارة كدين وكذا نذر مطلق وزكاة ودين حج وغيره لأنه يجب قضاؤه أشبه دين الآدمي ولقوله A : [ دين الله أحق بالوفاء ] ومتى برئ ابتدأ حولا .
وان ملك نصابا صغارا انعقد حوله حين ملكه لعموم قوله A : [ في أربعين شاة : شاة ] لأنها تقع على الكبير والصغير لكن لو تغذت باللبن فقط لم تجب لعدم السوم وإن نقص النصاب في بعض الحول انقطع لعدم الشرط لكن يعفى في الأثمان وقيم العروض عن نقص يسير كحبة وحبتين لعدم انضباطه أو باعه ولو مع خيار بغير جنسه انقطع الحول أو أبدله بغيرجنسه لا فرارا من الزكاة انقطع الحول لما تقدم ويستأنف حولا إلا في ذهب بفضة وبالعكس لأنهما كالجنس الواحد ويخرج مما معه عند الوجوب .
وإذا اشترى عرضا لتجارة بنقد أو باعه به بنى على حول الأول لأن الزكاة تجب في قيم العروض وهي من جنس النقد وإن قصد بذلك الفرار من الزكاة لم تسقط لأنه قصد به إسقاط حق غيره فلم يسقط كالمطلق في مرض الموت فإن ادعى عدم الفرار وثم قرينة عمل بها وإلا فقوله .
وإن أبدله ب نصاب من جنسه كأربعين شاة بمثلها أو أكثر بنى على حوله والزائد تبع للأصل في حوله كنتاج فلو أبدل مائة شاة بمائتين لزمه شاتان إذا حال حول المائة وإن أبدله بدون نصاب انقطع .
وتجب الزكاة في عين المال الذي لو دفع زكاته منه أجزأت كالذهب والفضة والبقر والغنم السائمة ونحوها لقوله A : [ في أربعين شاة : شاة وفيما سقت السماءالعشر ] ونحو ذلك .
و في للظرفية وتعلقها بالمال كتعلق أرش جناية برقبة الجاني فللمالك إخراجها من غيره والنماء بعد وجوبها له وإن أتلفه لزمه ما وجب فيه وله التصرف فيه ببيع وغيره فلذلك قال : ولها تعلق بالذمة أي ذمة المزكي لأنه المطالب بها ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء كسائر العبادات فإن الصوم يجب على المريض والحائض والصلاة تجب على المغمى عليه والنائم فتجب في الدين والمال الغائب ونحوه كما تقدم لكن لايلزمه الإخراج قبل حصوله بيده .
ولا يعتبر في وجوبها أيضا بقاء المال فلا تسقط بتلفه فرط أو لم يفرط كدين الآدمي إلا إذا تلف زرع أو ثمر بجائحة قبل حصاد وجذاذ .
والزكاة إذا مات من وجبت عليه كالدين في التركة لقوله A : [ فدين الله أحق بالوفاء ] فإن وجبت وعليه دين برهن وضاق المال قدم وإلا تحاصا ويقدم نذر معين وأضحية معينة