باب صلاة الاستسقاء .
وهو الدعاء بطلب السقيا على صفة مخصوصة أي الصلاة لأجل طلب السقيا علىالوجه الآتي : .
إذا أجدبت الأرض أي أمحلت - والجدب نقيض الخصب - وقحط أي احتبس المطر وضر ذلك وكذا إذا ضرهم غور ماء عيون أو أنهار صلوها جماعة و فرادى وهي سنة مؤكدة لقول عبدالله بن زيد : [ خرج النبي A يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة ] متفق عليه .
والأفضل جماعة حتى بسفر ولو كان القحط في غير أرضهم ولا استسقاء لانقطاع مطر عن أرض غير مسكونة ولا مسلوكة لعدم الضرر .
وصفتها في موضعها وأحكامها ك صلاة عيد قال ابن عباس : سنة الاستسقاء سنة العيدين فتسن في الصحراء ويصلي ركعتين يكبر في الأولى ستا زوائد وفي الثانية خمسا من غير أذان ولا إقامة قال ابن عباس : [ صلى النبي A ركعتين كما يصلي العيد ] وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .
ويقرأ في الأولى بـ [ سبح ] وفي الثانية بـ [ الغاشية ] وتفعل وقت صلاة العيد .
وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس أي ذكرهم ما يلين قلوبهم من الثواب والعقاب وأمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم بردها إلى مستحقيها لأن المعاصي سبب القحط والتقوى سبب البركات .
و أمرهم بـ ترك التشاحن من الشحناء وهي العداوة لأنها تحمل على المعصية والبهت وتمنع نزول الخير لقوله A : [ خرجت أخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت ] .
و أمرهم بالصيام لأنه وسيلة إلى نزول الغيث ولحديث [ دعوة الصائم لا ترد ] .
و أمرهم بالصدقة لأنها متضمنة للرحمة ويعدهم أي يعين لهم يوما يخرجون فيه ليتهيئوا للخروج على الصفة المسنونة .
ويتنظف لها بالغسل وإزالة الروائح الكريهة وتقليم الأظفار لئلا يؤذي ولايتطيب لأنه يوم استكانة وخضوع .
ويخرج الإمام كغيره متواضعا متخشعا أي خاضعا متذللا من الذل وهوالهوان متضرعا أي مستكنا لقول ابن عباس : [ خرج النبي A للاستسقاء متذللا متواضعا متخشا متضرعا ] قال الترمذي : حديث حسن صحيح ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ لأنه أسرع لإجابتهم والصبيان المميزون لأنهم لا ذنوب لهم وأبيح خروج طفل وعجوز وبهيمة والتوسل بالصالحين .
وان خرج أهل الذمة منفردين عن المسلمين بمكان لقوله تعالى : { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } لا ان انفردوا بيوم لئلا يتفق نزول غيث يوم خروجهم وحدهم فيكون أعظم لفتنتهم وربما افتتن بهم غيرهم لم يمنعوا أي أهل الذمة لأنه خروج لطلب الرزق فيصلي بهم ركعتين كالعيد لما تقدم .
ثم يخطب خطبة واحدة لأنه لم ينقل أن النبي A خطب بأكثر منها ويخطب على منبر ويجلس للاستراحة ذكره الأكثر كالعيد في الأحكام والناس جلوس قاله في المبدع يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد لقول ابن عباس : [ صنع رسول الله A في الاستسقاء كما صنع في العيد ] ويكثر فيها الاستغفار وقراءة الأيات التي فيها الأمر به كقوله تعالى : { استغفروا ربكم إنه كان غفارا } ا لآيات قال في المحرر و الفروع : ويكثر فيها الدعاء والصلاة على النبي A لأن ذلك معونة على الإجابة .
ويرفع يديه استحبابا في الدعاء لقول أنس : [ كان النبي A لا يرفع يديه في شئ من دعائه إلا في الاستسقاء وكان يرفع يديه حتى يرى بياض ابطيه ] متفق عليه وظهورهما نحو السماء لحديث رواه مسلم فيدعو بدعاء النبي A تأسيا به ومنه مارواه ابن عمر .
اللهم اسقنا بوصل الهمزة وقطعها غيثا أي مطرا مغيثا أي منقذا من الشدة يقال : غاثه وأغاثه إلى آخره أي آخر الدعاء أي : [ هينا مريئا غدقا مجللا صحا عاما طبقا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنزل علينا من بركاتك اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ] .
ويسن أن يستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويحول رداءه فيجعل الأيمن علىالأيسر والأيسر على الأيمن ويفعل الناس كذلك ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم ويدعو سرا فيقول : اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا فإن سقوا وإلا عادوا ثانيا وثالثا .
وإن سقوا قبل خروجهم شكروا الله وسألوه المزيد من فضله ولا يصلون إلا أن يكونوا تأهبوا للخروج فيصلونها شكرا لله ويسألونه المزيد من فضله وينادى لها : الصلاة جامعة كالكسوف والعيد بخلاف جنازة وتراويح والأول منصوب على الإغراء والثاني على الحال وفي الرعاية : برفعهما ونصبهما .
وليس من شرطها إذن الإمام كالعيدين وغيرهما .
ويسن أن يقف في أول المطر وإخراج رحله وثيابه ليصبها لقول أنس : [ أصابنا ونحن مع رسول الله A مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا : لم صنعت هذا ؟ قال : لأنه حديث عهد بربه ] رواه مسلم وذكر جماعة : ويتوضأ ويغتسل لأنه روي أنه A كان يقول : [ إذا سال الوادي اخرجوا بنا إلى الذي جعله الله طهرا فتطهر به ] وفي معناه ابتداء زيادة النيل ونحوه .
وإذا زادت المياه وخيف منها سن أن يقول : اللهم حوالينا أي : أنزله حوالي المدينة في مواضع النبات ولا علينا في المدينة ولا غيرها من المباني اللهم على الظراب أي الروابي الصغار والآكام - بفتح الهمزة تليها مدة على وزن آصال - وبكسر الهمزة بغير مد على وزن جبال - قال مالك : هي الجبال الصغار وبطون الأودية أي الأمكنة المنخفضة ومنابت الشجر أي أصولها لأنه أنفع لها لما في الصحيح [ أنه A كان يقول ذلك ] { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } أي : لا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق الأية أي { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } .
ويستحب أن يقول : مطرنا بفضل الله ورحمته ويحرم بنوء كذا ويباح في نوء كذا وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعا قاله في المبدع