فصل .
فإن عدم ذلك أي النية والسبب والتعيين رجع في اليمين إلى ما يتناوله الاسم وهو أي الاسم ثلاثة : شرعي وحقيقي وعرفي وقد لا يختلف المسمى كالأرض والسماء والإنسان والحيوان ونحوها .
فالشرعي من الأسماء ماله موضوع في الشرع وموضوع في اللغة كالصلاة والصوم والزكاة والحج والبيع والإجارة فالاسم المطلق في اليمين سواء كانت على فعل أو ترك ينصرف إلى الموضوع الشرعي الصحيح لأن ذلك هو المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق إلا الحج والعمرة فيتناول الصحيح والفاسد لوجوب المضي فيه كالصحيح .
فإذا حلف لا يبيع أو لا ينكح فعقد عقدا فاسدا من بيع أو نكاح لم يحنث لأن البيع أو النكاح لا يتناول الفاسد .
وإن قيد الحالف يمينه بما يمنع الصحة أي بما لا تمكن الصحة معه كأن حلف لا يبيع الخمر أو الحر حنث بصورة العقد لتعذر حمل يمينه على عقد صحيح وكذا إن قال : إن طلقت فلانة الأجنبية فأنت طالق طلقت بصورة طلاق الأجنبية .
و الاسم الحقيقي : هو الذي لم يغلب مجازه على حقيقته كاللحم فإذا حلف لا يكل لحما فأكل شحما أو مخا أو كبدا أو نحوه ككلية وكرش وطحال وقلب ولحم رأس ولسان لم يحنث لأن إطلاق اسم اللحم لا يتناول شيئا من ذلك إلا بنية اجتناب الدسم .
وإن حلف لا يأكل أدما حنث بكل البيض والتمر والملح والزيتون ونحوه كالجبن واللبن وكل ما يصطبغ به عادة كالزيت والعسل والسمن واللحم لأن هذا معنى التأدم .
و إن حلف لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا أو عمامة أو قلنسوة أو نعلا حنث لأنه ملبوس حقيقة وعرفا .
وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان لأنه نكرة في سياق النفي فيعم حتى ولو قال له : تنح أو اسكت أو لا كلمت زيدا فكاتبه أو راسله حنث ما لم ينو مشافهته .
و إن حلف لا يفعل شيئا فوكل من فعله حنث لأن الفعل يضاف إلى من فعل عنه قال تعالى : { محلقين رؤوسكم } وإنما الحالق غيرهم إلا أن ينوى مباشرته نفسه فتقدم نيته لأن لفظه يحتمله .
و الاسم العرفي ما اشتهر مجازه فغلب على الحقيقة كالراوية في العرف للمزادة وفي الحقيقة للجمل الذي يستقى عليه والغائط في العرف للخارج المستقذر وفي الحقيقة لفناء الدار وما اطمأن من الأرض ونحوهما كالظعينة والدابة والعذرة فتتعلق اليمين بالعرف دون الحقيقة لأن الحقيقة في نحو ما ذكر صارت كالمهجورة ولا يعرفها أكثر الناس .
فإذا حلف على وطء زوجته أو حلف على وطء دار تعلقت يمينه بجماعها أي جماع من حلف على وطئها لأن هذا هو المعنى الذي ينصرف إليه اللفظ في العرف و تعلقت يمينه بدخول الدار التي حلف لا يطأها لما ذكر .
وإن حلف لايأكل شيئا فكله مستهلكا في غيره كمن حلف لايأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه لم يحنث أو حلف لا يأكل بيضا فأكل ناطفا لم يحنث لأن ما أكله لا يسمى سمنا ولا بيضا وإن ظهر طعم شئ من المحلوف عليه فيما أكله حنث لأكله المحلوف عليه