فصل .
النوع الثاني من نوعي القصاص فيما دون النفس الجراح فيقتص في كل جرح ينتهي إلى عظم لإمكان استيفاء القصاص من غير حيف ولا زيادة وذلك كالموضحة في الرأس والوجه وجرح العضد و جرح الساق و جرح الفخذ و جرح القدم لقوله تعالى : { والجروح قصاص } ولا يقتص في غير ذلك من الشجاج كالهاشمة والمنقلة والمأمومة و لا في غير ذلك من الجروح كالجائفة لعدم أمن الحيف والزيادة .
ولا يقتص في كسر عظم غير كسر سن لإمكان الاستيفاء منه بغير حيف كبرد ونحوه إلا أن يكون الجرح أعظم من الموضحة كالهاشمة والمنقلة والمأمومة فله أي للمجني عليه أن يقتص موضحة لأنه يقتصر على بعض حقه ويقتص من محل جنايته وله أرش الزائد على الموضحة فيأخذ بعد اقتصاصه من موضحة في هاشمة خمسا من الإبل وفي منقلة عشرا وفي مأمومة ثمانية وعشرين وثلثا ويعتبر قدر جرح بمساحة دون كثافة اللحم .
وإذا قطع جماعة طرفا يوجب قودا كيد أو جرحوا جرحا يوجب القود كموضحة ولم تتميز أفعالهم كأن وضعوا حديدة على يد وتحاملوا عليها حتى بانت فعليهم أي على الجماعة القاطعين أو الجارحين القود لما روي عن علي أنه شهد عنده شاهدان على رجل بسرقة فقطع يده ثم جاء آخر فقالا : هذا هو السارق وأخطأنا في الأول فرد شهادتهما على الثاني وغرمهما دية يد الأول وقال : لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما وإن تفرقت أفعالهم أو قطع كل واحد من جانب فلا قود عليهم .
وسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها فلو قطع أصبعا فتآكلت أخرى أو اليد وسقطت من مفصل فالقود وفيما يشكل الأرش .
وسراية القود مهدورة فلو قطع طرفا قودا فسرى إلى النفس فلا شئ على قاطع لعدم تعديه لكن إن قطع قهرا مع حر أو برد أو بآلة كالة أو مسمومة ونحوها لزمه بقية الدية .
ولا يجوز أن يقتص عن عضو وجرح قبل برئه لحديث جابر أن رجلا جرح رجلا فأراد أن يستقيد [ فنهى النبي A أن يستفاد من الجارح حتى يبرأ المجروح ] رواه الدارقطني .
وكما لا تطلب له أي للعضو أو الجرح دية قبل برئه لاحتمال السراية فإن اقتص قبل فسرايتها بعد هدر .
ولا قود ولا دية لما رجي عوده من نحو سن ومنفعة في مدة تقولها أهل الخبرة فلو مات تعينت دية الذاهب