باب الشفعة .
بإسكان الفاء من الشفع وهو الزوج لأن الشفيع بالشفعة يضم المبيع إلى ملكه الذي كان منفردا .
وهي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي كالبيع والصلح والهبة بمعناه فيأخذ الشفيع نصيب البائع بثمنه الذي استقر عليه العقد لما روى أحمد والبخاري عن جابر [ أن النبي A قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ] .
فإن انتقل نصيب الشريك بغير عوض كالإرث والهبة بغير ثواب والوصية أو كان عوضه غير مالي بأن جعل صداقا أو خلعا أو صلحا عن دم عمد فلا شفعة لأنه مملوك بغير مال أشبه الإرث ولأن الخبر ورد في البيع وهذه ليست في معناه .
ويحرم التحيل لاسقاطها قال الإمام : لا يجوز شيء من الحيل فى إبطالها ولا إبطال حق مسلم واستدل الأصحاب بما روى أبو هريرة عن النبي A قال : [ لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ] .
وتثبت الشفعة لشريك في أرض تجب قسمتها فلا شفعة في منقول كسيف ونحوه لأنه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص ولا فيما لا تجب قسمته كحمام ودور صغيرة ونحوها لقوله A : [ لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة ] رواه أبو عبيد في الغريب والمنقبة : طريق ضيق بين دارين لا يمكن أن يسلكه أحد .
ويتبعها أي الأرض الغراس والبناء فتثبت الشفعة فيهما تبعا للأرض إذا بيعا معها لا إن بيعا منفردين لا الثمرة والزرع إذا بيعا مع الأرض فلا يؤخذان بالشفعة لأن ذلك لا يدخل في البيع فلا يدخل في الشفعة كقماش الدار فلا شفعة لجار [ لحديث جابر السابق ] .
وهي أي الشفعة على الفور وقت علمه فان لم يطلبها إذن بلا عذر بطلت لقوله A : [ الشفعة لمن واثبها وفي رواية : الشفعة كحل العقال ] رواه ابن ماجة .
فإن لم يعلم بالبيع فهو على شفعته ولو مضى سنون وكذا لو أخر لعذر بأن علم ليلا فأخره إلى الصباح أو لحاجة أكل أو شرب أو طهارة أو إغلاق باب أو خروج من حمام أو ليأتي بالصلاة وسننها وإن علم وهو غائب أشهد على الطلب بها إن قدر .
وإن قال الشفيع للمشتري : بعني ما اشتريت أو صالحني سقطت لفوات الفور أو كذب العدل المخبر له بالبيع سقطت لتراخيه عن الأخذ بلا عذر فإن كذب فاسقا لم تسقط لأنه لم يعلم الحال على وجهه .
أو طلب الشفيع أخذ البعض أي بعض الحصة المبيعة سقطت شفعته لأن فيه اضرارا بالمشتري بتبعيض الصفقة عليه والضرر لا يزال بمثله ولا تسقط الشفعة إن عمل الشفيع دلالا بينهما أو توكل لأحدهما أو أسقطها قبل البيع .
والشفعة ل شريكين اثنين بقدر حقيهما لأنها حق يستفاد بسبب الملك فكانت على قدر الأملاك فدار بين ثلاثة نصف وثلث وسدس فباع رب الثلث فالمسألة من ستة والثلث يقسم على أربعة لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب السدس واحد فإن عفا أحدهما أي أحد الشفيعين أخذ الأخر الكل أو ترك الكل لأن في أخذ البعض إضرارا بالمشتري ولو وهبها لشريكه أو غيره لم يصح وإن كان أحدهما غائبا فليس للحاضر أن يأخذ إلا الكل أو يترك فإن أخذ الكل ثم حضر الغائب قاسمه .
وإن اشترى اثنان حق واحد فللشفيع أخذ حق أحدهما لأن العقد مع اثنين بمنزلة عقدين أو عكسه بأن اشترى واحد حق اثنين صفقة فللشفيع أخذ أحدهما لأن تعدد البائع كتعدد المشتري أو اشترى واحد شقصين بكسر الشين أي حصتين من أرضين صفقة واحدة فللشفيع أخذ أحدهما لأن الضرر قد يلحقه بأرض دون أرض .
وإن باع شقصا وسيفا في عقد واحد فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن لأنه تجب فيه الشفعة إذا بيع منفردا فكذا إذا بيع مع غيره أو تلف بعض المبيع فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن لأنه تعذر أخذ الكل فجاز له أخذ الباقي كما لو أتلفه آدمي فلو اشترى دارا بألف تساوي ألفين فباع بابها أو هدمها فبقيت بألف أخذها الشفيع بخمسمائة .
ولا شفعة بشركة وقف لأنه لا يؤخذ بالشفعة فلا تجب به ولأن مستحقه غير تام الملك ولا شفعة أيضا بـ غير ملك للرقبة سابق بأن كان شريكا في المنفعة كالموصي له بها أو ملك الشريكان دارا صفقة واحدة فلا شفعة لأحدهما على الآخر لعدم الضرر ولا شفعة لكافر على مسلم لأن الإسلام يعلو ولا يعلى