فصل .
وتصرفات الغاصب الحكمية أي التي لها حكم من صحة وفساد كالحج والطهارة ونحوها والبيع والإجارة والنكاح ونحوهما باطلة لعدم إذن المالك وإن اتجر بالمغصوب فالربح لمالكه .
والقول في قيمة التالف قول الغاصب لأنه غارم أو قدره أي قدر المغصوب أو صفته بأن قال : غصبتني عبدا كاتبا وقال الغاصب : لم يكن كاتبا فـ قوله أي قول الغاصب لما تقدم .
و القول في رده أو تعييبه بأن قال الغاصب : كانت فيه أصبع زائدة أو نحوها وأنكره مالكه فـ قول ربه لأن الأصل عدم الرد والعيب وإن شهدت البينة أن المغصوب كان معيبا وقال الغاصب : كان معيبا وقت غصبه وقال المالك : تعيب عندك قدم قول الغاصب لأنه غارم .
وإن جهل الغاصب ربه أي رب المغصوب سلمه إلى الحاكم فبرى من عهدته ويلزمه تسلمه أو تصدق به عنه مضمونا أي بنية ضمانه إن جاء ربه فإذا تصدق به كان ثوابه لربه وسقط عنه إثم الغصب وكذا حكم رهن ووديعة ونحوها إذا جهل ربها وليس لمن هي عنده أخذ شئ منها ولو كان فقيرا .
ومن أتلف لغيره مالا محترما بغير إذن ربه ضمنه لأنه فوته عليه أو فتح قفصا عن طائر فطار ضمنه أو فتح بابا فضاع ما كان مغلقا عليه بسببه أو حل وكاء زق مائع أو جامد فأذابته الشمس أو ألقته ريح فاندفق ضمنه أو حل رباطا عن فرس أو حل قيدا عن مقيد فذهب ما فيه أو أتلف ما فيه شيئا ونحوه أي نحو ما ذكره ضمنه لأنه تلف بسبب فعله .
وإن ربط دابة بطريق ضيق فتعثر به إنسان أو أتلفت شيئا ضمن لتعديه بالربط ومثله لو ترك في الطريق طينا أو خشبة أو حجرا أو كيس دراهم أو أسند خشبة إلى حائط ك ما يضمن مقتني الكلب العقور لمن دخل بيته بإذنه أو عقره خارج منزله لأنه متعد باقتنائه فإن دخل منزله بغير إذنه لم يضمنه لأنه متعد بالدخول وان أتلف العقور شيئا بغير العقر كما لو ولغ أو بال في إناء إنسان فلا ضمان لأن هذا لا يختص بالعقور .
وحكم أسد ونمر وذئب وهر تأكل الطيور وتقلب القدور في العادة حكم كلب عقور .
وله قتل هر بأكل لحم ونحوه والفواسق .
وإن حفر في فنائه بئرا لنفسه ضمن ما تلف بها وإن حفرها لنفع المسلمين بلا ضرر في سابلة لم يضمن ما تلف بها لأنه محسن .
وإن مال حائطه ولم يهدمه حتى أتلف شيئا لم يضمنه لأن الميل حادث والسقوط بغير فعله .
وما أتلفت البهيمة من الزرع والشجر وغيرهما ليلا ضمنه صاحبها وعكسه النهار لما روى مالك عن الزهري عن حزام بن سعد : أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت [ فقضى رسول الله A أن على أهل الأموال حفظها بالنهار وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم ] إلا أن ترسل نهارا بقرب ما تتلفه عادة فيضمن مرسلها لتفريطه .
وإذا طرد دابة من زرعه لم يضمن إلا أن يدخلها مزرعة غيره فإذا اتصلت المزارع صبر ليرجع على ربها ولو قدر أن يخرجها وله منصرف غير المزارع فتركها فهدر .
وإن كانت البهيمة بيد راكب أو قائد أو سائق ضمن جنايتها بمقدمها كيدها وفمها لا ما جنت بمؤخرها كرجلها لما روى سعيد مرفوعا [ الرجل جبار ] وفي رواية أبي هريرة [ رجل العجماء جبار ] ولو كان السبب من غيرهم كنخس وتنفير ضمن فاعله فلو ركبها اثنان فالضمان على المتصرف منهما وباقي جنايتها هدر إذا لم يكن يد أحد عليها لقوله A : [ العجماء جبار ] أي هدر إلا الضارية والجوارح وشبهها كقتل الصائل عليه من آدمي أو غيره إن لم يندفع إلا بالقتل فإذا قتله لم يضمنه لأن قتله بدفع جائز لما فيه من صيانة النفس و كـ كسر مزمار أو غيره من آلات اللهو وصليب وآنية ذهب وفضة وآنية خمر غير محترمة لما روى أحمد عن ابن عمر [ أن النبي A أمره أن يأخذ مدية ثم خرج إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام فشققت بحضرته وأمر أصحابه بذلك ] ولا يضمن كتابا فيه أحاديث رديئة ولا حليا محرما على رجال إذا لم يصلح للنساء