باب القرض .
بفتح القاف - وحكي كسرها - ومعناه لغة : القطع واصطلاحا : دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله وهو جائز بالإجماع .
وهو مندوب لقوله A في حديث ابن مسعود : [ ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقة مرة ] .
وهو مباح للمقترض وليس من المسألة المكروهة لفعله A .
وما يصح بيعه من نقد أو عرض صح قرضه مكيلا كان أو موزونا أو غيرهما [ لأنه A استسلف من رجل بكرا ] لا بني آدم فلا يصح قرضهم لأنه لم ينقل ولا هو من المرافق ويفضي إلى أن يقترض جارية يطأها ثم يردها .
ويشترط معرفة قدر القرض ووصفه وأن يكون المقترض ممن يصح تبرعه ويصح بلفظه وبلفظ السلف وكل ما أدى معناهما وإن قال : ملكتك ولا قرينة على رد بدله فهبة .
ويملك القرض بقبضه كالهبة ويتم بالقبول وله الشراء به من مقرضه فلا يلزم رد عينه للزومه بالقبض بل يثبت بدله في ذمته أي ذمة المقترض حالا ولو أجله المقرض لأنه عقد منع فيه من التفاضل فمنع الأجل فيه كالصرف قال الإمام : القرض حال وينبغي أن يفي بوعده فإن رده المقترض أي رد القرض بعينه لزم المقرض قبوله إن كان مثليا لأنه رده على صفة حقه سواء تغير سعره أو لا حيث لم يتعيب وإن كان متقوما لم يلزم المقرض قبوله وله الطلب بالقيمة .
وإن كانت الدراهم التي وقع القرض عليها مكسرة أو كان القرض فلوسا فمنع السلطان المعاملة بها اي بالدراهم المكسرة أو الفلوس فله أي للمقرض القيمة وقت القرض لأنه كالعيب فلا يلزمه قبولها وسواء كانت باقية أو استهلكها وتكون القيمة من غيرجنس الدراهم وكذلك المغشوشة إذا حرمها السلطان .
ويرد المقترض المثل أي مثل ما اقترضه في المثليات لأن المثل أقرب شبها من القيمة فيجب رد مثل فلوس غلت أو رخصت أو كسدت و يرد القيمة في غيرها من المتقومات وتكون القيمة في جوهر ونحوه يوم قبضه وما يصح سلم فيه يوم قرضه فان أعوز أي تعذر المثل فالقيمة إذا أي وقت إعوازه لأنها حينئذ تثبت في الذمة .
ويحرم اشتراط كل شرط جر نفعا كأن يسكنه داره أو يقضيه خيرا منه لأنه عقد إرفاق وقربة فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه .
وإن بدأ به أي بما فيه نفع كسكنى داره بلا شرط ولا مواطأة بعد الوفاء جاز لا قبله أو أعطاه أجود بلا شرط جاز لأنه A استسلف بكرا فرد خيرا منه وقال : [ خيركم أحسنكم قضاء ] متفق عليه أو أعطاه هدية بعد الوفاء جاز لأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض ولا وسيلة إليه .
وإن تبرع المقترض لمقرضه قبل وفائه بشئ لم تجر عادته به قبل القرض لم يجز إلا أن ينوي المقرض مكافأته على ذلك الشئ أو احتسابه من دينه فيجوز له قبوله لحديث أنس مرفوعا قال : [ إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدي إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك ] رواه ابن ماجة وفي سنده جهالة .
وان أقرضه أثمانا فطالبه بها ببلد آخر لزمته الأثمان أي مثلها لأنه أمكنه قضاء الحق من غير ضرر فلزمه ولأن القيمة لا تختلف فانتفى الضرر .
و تجب فيما لحمله مؤنة قيمته ببلد القرض لأنه المكان الذي يجب التسليم فيه ولا يلزمه المثل في البلد الآخر لأنه لا يلزمه حمله إليه إن لم تكن قيمته ببلد الفرض أنقص صوابه أكثر فإن كان القيمة ببلده القرض أكثر لزمه مثل المثلي لعدم الضرر إذا ولا يجبر رب الدين على أخذ قرضه ببلد آخر إلا فيما لا مؤنة لحمله مع أمن البلد والطريق .
وإذا قال : اقترض لي مائة ولك عشرة صح لأنها في مقابلة ما بذله من جاهه ولو قال : اضمني فيها ولك ذلك لم يجز