باب النذر .
و هو أن يقول : لله علي أن أفعل كذا أو : إن رزقني الله مالا لأتصدقن أو : فعلي صوم شهر لقول الله تعالى : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين * فلما آتاهم من فضله بخلوا به } و قال ابن عمر في الرجل يقول : علي المشي إلى الكعبة : هذا نذر فليمش وهو سبعة أقسام : .
أحدها : نذر اللجاج والغضب وهو الذي يخرج مخرج اليمين للمنع من شيء أو الحث عليه كقوله : إن دخلت الدار فلله علي الحج أو صوم سنة أو عتق عبدي أو صدفة مالي فهذا يمين مخير الناذر بين فعله و بين كفارة يمين لما روى عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ لا نذر في معصية و كفارته كفارة يمين ] رواه سعيد في سننه و عن أحمد : أنه تتعين الكفارة و لا يجزئه غيرها للخبر و الأول ظاهر المذهب لأنه يمين فيخير فيها بين الأمرين كاليمين بالله تعالى و لأن هذا جميع الصفتين فيخرج عن العهد بكل واحد منهما و إن قال : إن فعلت كذا فعبدي حر ففعله عتق العبد لأن العتق يصح تعليقه بالشرط فأشبه الطلاق .
فصل .
القسم الثاني : النذر المبهم أن يقول : لله علي نذر فيجب كفارة اليمين لما روى عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ كفارة النذر - إذا لم يسم - كفارة يمين ] قال الترمذي : هذا حديث صحيح .
فصل .
القسم الثالث : نذر المباح كنذر لبس ثوبه و أكل طعامه و طلاق زوجته فيتخير بين الوفاء به و كفارة اليمين لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله ] رواه أبو داود .
فإن لم يف فعليه كفارة لما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ لا نذر في معصية و كفارته كفارة يمين ] رواه أبو داود .
و إذا وجبت الكفارة في المعصية ففي المباح أولى و إن وفى به أجزأه لما روي أن امرأة قالت : يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف فقال رسو الله صلى الله عليه و سلم : [ أوفي بنذرك ] رواه سعيد .
و يتخرج أنه لا كفارة فيه لأنه لو نذر الاعتكاف أو الصلاة في موضع بعينه جاز له الاعتكاف في غيره و لا كفارة عليه و قد روى ابن عباس قال : بينا النبي صلى الله عليه و سلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا : أبو اسرائيل نذر أن يقوم في الشمس و لا يستظل و لا يتكلم و يصوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ مروه فليجلس و ليستظل و ليتكلم وليتم صومه ] رواه البخاري .
و لم يأمره بكفارة فإن جمع بين مباح و مندوب لزمه الوفاء بالمشروع وحكمه في المباح كما لو انفرد و لحديث أبي إسرائيل و إن تضمن خصالا كثيرة أجزأئه كفارة واحدة كاليمين و إن نذر مكروها كره له الوفاء به وإن وفئ به أجزأه .
فصل .
القسم الرابع : نذر المعصية كنذر شرب الخمر قتل النفس المحرمة و ظلم الناس فلا يحل الوفاء به ويوجب كفارة يمين لحديث عائشة و لما روى عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ النذر نذران فما كان من نذر في طاعة الله فذلك لله و فيه الوفاء و ما كان من نذر في معصية الله فلا وفاء فيه و يكفره ما يكفر اليمين ] رواه الجوزجاني و لأن النذر كاليمين و اليمين على المعصية توجب الكفارة فكذلك النذر .
وعن أحمد : ما يدل على أنه لا كفارة فيه لحديث أبي إسرائيل و لقول النبي A : [ ليس على الرجل نذر فيما لا يملك ] متفق عليه و في لفظه : [ لا نذر في معصية الله و لا فيما لا يملك العبد ] رواه مسلم و لأنه نذر غير منعقد فلم يوجب شيئا كيمين اللغو .
و سواء كان النذر مطلقا أو معلقا بشرط و إن نذر ذبح ولده ففيه روايتان : .
إحداهما : لا يوجب كفارة لأنه نذر معصية فأشبه نذر قتل أخيه .
و الثانية : عليه ذبح كبش لأن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بذبح و لده فخرج عن عهدة الأمر بذبح كبش فكذا نذر الآدمي يخرج عن عهدته بكبش لأنه يقتضي الإكرام كالأمر فإذا ذبحه فرقه على المساكين لأن ما وجب كفارة فرق على المساكين كسائر الكفارات .
و إن نذرت المرأة صوم يوم حيضها أو نفاسها أو صوم يوم العيد فهو نذر معصية موجبة كفارة كشرب الخمر و إن نذرت صوم يوم الخميس فصادف حيضها أو يوم العيد لم تصمه و عليها القضاء لأنها إنما قصدت الطاعة في محل يحتمل الطاعة و هل تلزمها الكفارة مع القضاء ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : يلزمها لإخلالها بالمنذر في وقته فأشبه ما لو حلفت على ذلك .
و الثاني : لا كفارة عليها لأن المنذر محمول على المشروع و لو أفطرت في رمضان لحيض أو لمرض لم يلزمها إلا القضاء فكذا هاهنا و ويتخرج أن لا يلزمها إلا الكفارة كالتي قبلها و إن نذر فعل طاعة على صفة محرمة أو مكروهة كنذر المرأة الحج حاسرة وجب فعل الطاعة و في الكفارة لترك المعصية و المكروه وجهان : .
أحدهما : يجب لما روى عقبة بن عامر قال : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله فقال : [ مر أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام ] رواه الترمذي .
و الثاني : لا كفارة عليه لما ذكرناه و إن ندر أن يطوف على أربع فقياس المذهب أن يطوف طوافا واحدا .
و في الكفارة وجهان و المنصوص عن أحمد : أنه يطوف طوافين لما روي عن ابن عباس Bهما أنه قال ذلك : وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم أخرجه الدارقطني في سننه .
فصل .
القسم الخامس : نذر الواجب كنذر صوم رمضان و صلاة الفرض فقال أصحابنا : لا يوجب شيئا لأنه التزم للازم فلم يصح لاستحالته كنذر المحال و قياس المذهب أن ينعقد موجبا للكفارة إن تركه كنذر المباح لأن النذر كاليمين .
فصل .
و إن نذر صوم يوم يقدم فلان فصادف رمضان فحكمه حكم ما لو صادف يوم العيد و قال الخرقي : يجزئه صيامه لرمضان و نذره لأنه قد فعل الصيام .
فصل .
القسم السادس : نذر المستحيل كصوم أمس فلا ينعقد لأنه لا يتصور انعقاده و الوفاء به فأشبه اليمين على المستحيل و يحتمل أن يوجب الكفارة كيمين الغموس .
فصل .
القسم السابع : نذر الطاعة تبررا فيلزم الوفاء به سواء نذره مطلقا مثل أن يقول : لله علي صوم يوم أو علقه على شرط مثل أن يقول : إن شفاني الله من مرضي فلله علي صدقة درهم فإذا وجد شرطه لزمه ما نذر سواء كان للمنذور أصل في الوجوب كالصلاة و الصوم أو لم يكن له أصل في الوجوب كالاعتكاف لما روت عائشة Bها قالت : قال رسول الله A : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه ] رواه البخاري .
و إن نذر الصدقة بجميع ماله أجزأته الصدقة بثلثه لما روى كعب بن مالك قال : قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أتخلع من مالي صدقة إلى الله و رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ يجزئك الثلث ] رواه أبو داود و في لفظ : [ أمسك عليك مالك ] متفق عليه ولأن الصدقة بجميع المال مكروهة بدليل أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عنها كعبا و أبا لبابة و لا ينهى عن القرب .
فإن نذر الصدقة بمعين و كان المعين يستغرق ماله فهي كالتي قبلها و إن كان بعض ماله ففيه روايتان : .
إحداهما : تجزئه الصدقة بثلث لأنه مال نذر الصدقة به فأشبه جميع المال .
و الثانية : تلزمه الصدقة بجميعه لحديث عائشة Bها والقياس على سائر المنذورات ويحتمل أنه كان الثلث فما دونه لزمه وان كان أكثر أخرج ثلث المال لأنه حكم اعتبر فيه ثلث المال فكان حكمه ما ذكرنا كالوصية .
فصل .
ومن نذر صياما ولم يسم عددا ولم ينوه لزمه صوم يوم لأنه أقل صوم يصح في الشرع .
وإن نذر صلاة ففيه روايتان : .
إحداهما : يجزئه ركعة لأن الوتر ركعة مشروعة .
والثانية : لا يجزئه إلا ركعتان لأن الركعة لا تجزئ في الفرض فلا تجزئ في النذر كالسجدة .
وإذا نذر عتق رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب لأن المطلق يحمل على المعهود في الشرع و ذلك هو الواجب في الكفارة .
و إن نذر هديا لم يجزئه إلا ما يجزئ في الأضحية كذلك و عليه إيصاله إلى فقراء الحرم لأن إطلاق الهدي يقتضي ذلك قال الله تعالى : { هديا بالغ الكعبة } .
وإن نذر المشي إلى بيت الله الحرام أو إتيانه لزمه المشي في حج أو عمرة لأن المشي إلى البيت المعهود شرعا هو المشي في أحد النسكين فحمل النذر المطلق عليه و يلزمه المشي من دويرة أهله كذلك و إن نذر المشي إلى البلد الحرام أو بقعة منه فهو كنذر المشي إلى البيت الحرام لأن الحرم كله محل النسك ولذلك صح إحرام المكي بالحج منه و إن نذر المشي إلى غير الحرم كعرفة و غيرها لم يلزمه و كان كنذر المباح و كذلك إن نذر إيتان مسجد من مساجد الحل لم يلزمه إلا مسجد رسول الله A و المسجد الأقصى فإنه يلزمه إتيانهما لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام و المسجد الأقصى و مسجدي هذا ] منفق عليه و يلزمه صلاة ركعتين فيهما لأن القصد بنذره القربة و لا يحصل إلا بالصلاة فتضمنها نذره كتضمن نذر المشي إلى المسجد الحرام أحد النسكين و إن نذر الصلاة في مسجد هو كنذر إتيانه إلا أنه تلزمه الصلاة دون الإتيان في غير المساجد الثلاثة و تجزئ الصلاة في المسجد الحرام عن الصلاة في المسجدين الآخرين و الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة في مسجد الأقصى لما ذكرنا في الاعتكاف .
فصل .
و من عين بنذره أو بنيته شيئا من عدد الصيام أو الصلاة أو الهدي أو الرقاب أجزأه ما عينه صغيرا كان أو كبيرا صحيحا أو معيبا مما يجزئ في الواجب و مما لا يجزئ لأن الوجوب ثبت بقوله فيجب أن تتبع فيه صفته كأوامر الشرع وعنه : فيمن قال : إن قدم فلان لأتصدقن بمال هو في نفسه مال يخرج ما شاء و هذا يدل على أنه إنما يلزمه ما لفظ به دون ما نواه لأن النذر باللفظ دون النية و الأولى أولى لأنه نوى بلفظه ما يحتمله فتقيد به كاليمين .
فإن عين الهدي بغير الحيوان جاز و يتصدق به أو بثمنه على مساكين الحرم لأنه محل الهدي و إن نذر هدي ما لا ينقل كالدر و نحوه بيع و تصدق بثمنه و إن عين نذر الهدي بموضع غير الحرم لزمه ما عينه و يتصدق به على فقراء ذلك الموضع إن لم يتضمن معصية لما روي : أن رجلا نذر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ أكان فيها أوثن من أوثان الجاهلية ] قالوا : لا قال : [ هل كان فيها عيد من أعيادهم ] قالوا : لا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ أوف بنذرك ] رواه أبو داود و لأن معهود الشرع تفرقة اللحم بالمكان الذي نذر الذبح به فكأنه نذر فرقة اللحم على فقراء أهله .
فصل .
إذا نذر صيام ثلاثين يوما لم يلزمه التتابع نص عليه لأن لفظه لا يقتضي التتابع و عنه فيمن نذر صيام عشرة أيام : يلزمه التتابع لأن الصيام واجب بأصل الشرع متتابع والأول أولى و هذا محمول على من نوى التتابع أو شرطه لما ذكرناه و إن نذر صيام شهر ففيه روايتان : .
إحداهما : لا يلزمه التتابع لأن الشهر يقع على ما بين الهلالين و على ثلاثين يوما فلا يلزمه مل بين الهلالين فصار كنذر ثلاثين يوما .
و الثانية : يلزمه التتابع لأن الشهر اسم لأيام متتابعة فإن صام ما بين الهلالين أجزأه تاما كان أو ناقصا لأنه شهر و إن بدأ من أثناء شهر لزمه ثلاثون يوما لأن الشهر العادي ثلاثون يوما و إن نذر صيام أشهر متتابعة فبدأ من أول شهر صامهن بالأهلة و إن بدأ من أثناء شهر صام شهرا بالعدد و باقيها بالأهلة لما ذكرنا في صوم الظهار .
فإن أفطر بالصيام المتتابع لغير عذر لزمه الاستئناف لأنه أمكنه الإتيان بالمنذور على صفته فلزمه كحال الابتداء و إن أفطر لعذر يوجب الفطر كالمرض المخوف والحيض خير بين الاستئناف لأنه يجزئه مع عدم العذر فمع العذر أولى و بين البناء و التكفير لأن الفطر لعذر لا يقتضي التتابع حكما بدليل فطر المظاهر في الشهرين لعذر ويكفر لترك صفة النذر لأن النذر كاليمين .
و إن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر ففيه وجهان : .
أحدهما : يقطع التتابع لأنه أفطر باختياره أشبه غير المعذور .
و الثاني : لا يقطعه لأنه عذر للفطر في رمضان فأشبه المرض فأما إن نذر صوم شهر بعينه فأفطر لغير عذر ففيه روايتان : .
إحداهما : يلزمه الاستئناف لأنه صوم يجب متتابعا أشبه المنذور متتابعا .
و الثانية : لا يلزمه وجوب التتابع من جهة الوقت لا للنذر فلم يبطله الفطر كشهر رمضان و إن أفطر لعذر بنى و عليه كفارة في الموضعين لتركه صفة نذره .
و عنه : لا تجب الكفارة مع العذر لأنه تركه بأمر الشرع فلم يلزمه كفارة كما لو نذر الصدقة بجميع ماله و تصدق بثلثه .
فصل .
و إن نذر صيام سنة معينة لم يدخل في نذره رمضان و يوما العيدين لأنه لا يقبل الصوم عن النذر فلم يدخل في نذره كالليل و في أيام التشريق روايتان : و إن نذر صوم سنة فهل يلزمه سنة متتابعة ؟ فيه روايتان على ما ذكرنا في الشهر فإن قلنا : يلزمه التتابع فحكمها حكم المعينة و إن قلنا : لا يلزمه التتابع لزمه اثنا عشر شهرا بالأهلة إلا أن يبتدئ صوم شهر من أثنائه أو لا يوالي بينه فيلزمه ثلاثون يوما فإن صام سنة متوالية قضى عن شهر رمضان و يومي العيدين .
فصل .
و إن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم ليلا لم يلزمه شيء لأنه لم يتحقق شرطه فلم يجب نذره و إن قدم نهارا لم يخل من ثلاثة أحوال : .
أحدها : قدم و الناذر مفطر فيه روايتان : .
أحدها : لا يلزمه شيء لأنه قدم في وقت لا يصح فيه صومه شرعا أشبه ما لو قدم ليلا .
و الثانية : يلزمه القضاء و الكفارة لأنه علق نذره بزمن المستقبل و لم يف به فلزمه القضاء و الكفارة كما لو نذر صوم يوم الخميس فأفطره .
الثاني : قدم و الناذر صائم من رمضان أو فرضا غيره ففيه روايتان : .
إحداهما : يجزئه صومه عنهما لأنه نذر صومه و قد وفى به .
و الثانية : حكمه حكم من أفطره لأنه لم يصمه عن نذره .
الثالث : قدم و الناذر صائم تطوعا أو ممسك ففيه وجهان : .
أحدهما : يتم صومه و يجزئه لأن سبب الوجوب وجد في أثنائه قبل فطره فأشبه ما لو قال : لله علي صوم بقية يومي .
و الثاني : يلزمه القضاء و الكفارة لأنه صوم واجب فلم يصح بنية من النهار كالقضاء .
فصل .
و إذا نذر الحج العام و عليه حجة الإسلام ففيه روايتان : .
إحداهما : يجزئه الحج عنهما .
و الثانية : يلزمه حجة أخرى أصلها إذا نذر صوم يوم فوافق يوما من رمضان .
فصل .
و إذا عجز عن الوفاء بالنذر لم يخل من خمسة أحوال : .
أحدها : أن يعجز عجزا لا يرجى زواله لكبر أو مرض غير مرجو الزوال أو غيره فعليه كفارة يمين لا غير لما روى عقبة بن عامر قال : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستفتيته فقال : [ لتمش و لتركب ] متفق عليه و لأن النذر كاليمين إلا فيما لا يطيق قال ابن العباس Bهما : من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين و من نذر نذرا يطيقه فليف الله بما نذر و سواء كان عاجزا وقت النذر أو تجدد العجز لأنهما سواء في فوات النذر .
وعن أحمد فيمن نذر صوما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه : أنه يطعم عن كل يوم مسكينا اختاره الخرقي لأنه صوم وجد سبب إيجابه عينا فأشبه صوم رمضان و الأول أقيس .
الثاني : أن يعجز عجزا مرجو الزوال نحو المرض فإذا كان النذر غير موقت أخره حتى يزول العارض ثم يأتي به و إن كان موقتا كصوم شهر معين فإذا زال العجز قضاه لأنه صوم واجب يلزمه قضاؤه كرمضان و عليه كفارة اليمين لأن النذر كاليمين و عنه : لا كفارة عليه لأن المنذور محمول على المشروع و لو أفطر في رمضان لعذر لم يلزمه كفارة كذا هاهنا .
الثالث : أن يمنعه الشرع من الوفاء بنذره مثل أن يصادف عيدا أو حيضا ففيه وجهان بناء على روايتين فيما قبلها و إن صادف أيام التشريق فكذلك في إحدى الروايتين و في الأخرى يصح صيامها للفرض لما ذكرنا في صيامها عن دم المتعة و إن صادف رمضان لم يجزئ صومه عن النذر و كان حكمه كما لو صادف يوم العيد و قال الخرقي : يجزئه صيامه لرمضان و نذره و قد ذكر ذلك .
الرابع : أن يصادفه النذر مجنونا فلا شيء عليه لأنه خرج عن أهلية التكليف قبل وقت النذر أشبه ما لو فاته .
الخامس : أن يموت فإن كان كذلك قبل وقت النذر فلا شيء عليه لأنه خرج عن أهلية التكليف و إن كان بعده أو كان النذر غير موقت فعل ذلك و ليه لما روت عائشة Bها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ من مات و عليه صيام صام عنه وليه ] متفق عليه .
و عن ابن عباس قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن أختي نذرت أن تحج و إنها ماتت فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : [ لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ ] قال : نعم قال : [ فاقض الله فهو أحق بالقضاء ] رواه البخاري فثبت القضاء للصوم و الحج بالنص وقسنا عليه غيره للمعنى المشترك بينهما .
و في الصلاة روايتان : .
إحداهما : تقضي عنه لما ذكرناه .
و الثانية : لا تقضى لأنها لا تدخلها نيابة و لا كفارة فلم تقض عنه كحالة الحياة و كل موضع قلنا : يقضي عنه الولي فإنه على سبيل الندب لا الوجوب لأن قضاء دينه لا يجب على وليه فكذلك النذر المشبه به