باب عشرة النساء .
يجب على كل واحد من الزوجين معاشرة صاحبه بالمعروف لقول الله تعالى : { عاشروهن بالمعروف } وقال سبحانه : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة } و يجب على كل واحد منهما بذل ما يجب لصاحبه من الحق عليه من غير مطل ولا إظهار الكراهية للبذل ولا إتباعه بأذى ولا من وكف أذاه عن صاحبه ولأن هذا من المعاشرة بالمعروف ولقول النبي A : [ مطل الغني ظلم ] .
فصل : .
وإذا تزوج امرأة يوطأ مثلها فطلب تسليمها إليه وجب ذلك لأنه يطلب حقه الممكن فإن سألت الإنظار أنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها كاليومين والثلاثة لأنه يسير جرت العادة بمثله وإن كانت لا يجامع مثلها لصغر أو مرض يرجى زواله لم يجب تسليمها لأنها لا تصلح للاستمتاع المستحق عليها وإن كان لمرض غير مرجو الزوال أو لكونها نضوة الخلق وجب تسليمها لأن المقصود من مثلها الاستمتاع بغير الجماع وذلك ممكن في الحال وكل موضع يجب تسليمها إليه إذا طلبها يلزمه تسليمها إذا عرضت عليه وما لا فلا .
فصل : .
ويجب تسليم الحرة ليلا ونهارا لأنه لا حق لغيره عليها وللزوج السفر بها لأن النبي A كان يسافر بنسائه ويجب تسليم الأمة في الليل دون النهار لأنها مملوكة عقد أحد منفعتيها فلم يجب التسليم في وغير وقتها كالمستأجرة للخدمة في أحد الزمانين .
فصل : .
وله إجبارها على غسل الحيض والنفاس مسلمة كانت أو ذمية لأن إباحة الوطء يقف عليه وله إجبار المسلمة على الغسل من الجنابة لأنه واجب عليها وفي الذمية روايتان : .
إحداهما : لا يملك إجبارها عليه لأنه لا يجب عليها ولا يقف إباحة الوطء عليه .
والثانية : يملك إجبارها لأن كمال الاستمتاع يقف عليه لكون النفس تعاف من لا تغتسل من جنابة وفي التنظف والاستحداد وجهان بناء على هاتين الروايتين وقال القاضي : له إجبارها على الاستحداد إذا طال الشعر واسترسل وتقليم الأظافر إذا طالت رواية واحدة وهل له منعها أكل ما يتأذى برائحته ؟ على وجهين لما ذكرنا وله منع المسلمة من كل محرم لأن الله منعها منه وليس له منع الذمية من يسير الخمر لأنها لا تعتقد تحريمه و له إجبارها على غسل فيها منه لأن نجاسته تمنع الاستمتاع به وله منعها من السكر لأنه يجعلها كالزق المنفوخ ولا يأمن من جنايتها عليه .
فصل : .
وله منعها من الخروج من منزله إلا لما لا بد لها منه لأن حق الزوج واجب فلا يجوز تركه بما ليس بواجب وقد روي عن ابن عمر قال : أتت امرأة إلى النبي A فقالت : يا رسول الله ما حق الزوج على زوجته ؟ قال : [ حقه عليها ألا تخرج إلا بإذنه ] ويكره منعه إياها من عيادة أحد والديها أو شهود جنازته لأنه يؤدي إلى النفور ويغريها بالعقوق .
فصل : .
وله الاستمتاع في كل وقت من غير إضرار بها ولا منعها من فريضة وقد روي عن النبي A أنه قال : [ إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع ] متفق عليه .
ولا يجوز وطؤها في الحيض ولا في الدبر لقوله تعالى : { فاعتزلوا النساء في المحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن } وروى خزيمة بن ثابت أن النبي A قال : [ إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن ] وعن أبي هريرة عن النبي A قال : [ من أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد ] رواهما الأثرم .
ويجوز الاستمتاع بها فيما بين الأليتين ووطؤها في الفرج مقبلة ومدبرة وكيف شاء لقوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } قال جابر : من بين يديها ومن خلفها غير ألا يأتيها إلا في المأتي متفق عليه .
فصل : .
وإذا أراد الجماع استحب أن يقول : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا لما روى ابن عباس قال : قال رسول الله A : [ لو أن أحدكم حين يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فولد بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا ] متفق عليه ويستحب التستر عند المجامعة لما روى عتبة بن عبيد قال : قال رسول الله A : [ إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجردا تجرد العيرين ] رواه ابن ماجة ولا يجامعها بحيث يراها إنسان أو يسمع وجسهما وإذا فرغ قبلها كره له النزع حتى تفرغ لما روى أنس قال : قال رسول الله A : [ إذا جامع الرجل أهله فليصدقها ثم إن قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها ] .
فصل : .
ويكره العزل وهو : أن ينزل الماء خارج الفرج لما فيه من تقليل النسل ومنع المرأة من كمال استمتاعها وليس بمحرم لما روى أبو سعيد قال : ذكر - يعني العزل - عند رسل الله A فقال : [ فلم يفعل أحدكم ؟ ] - ولم يقل فلا يفعل - [ فإنه ليس نفس مخلوقة إلا والله خالقها ] متفق عليه فإن كان ذلك في أمته فله ذلك بغير إذنها لأن الاستمتاع بها حق له دونها وكذلك أم الولد وإن كان في زوجة حرة لم يجز إلا بإذنها لما روى ابن عمر قال : [ نهى رسول الله A أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ] رواه أحمد وإن كانت أمة فقال أصحابنا : لا يعزل عنها إلا بإذن سيدها لأن الولد له والأولى جوازه لأن تخصيص الحرة بالاستئذان دليل سقوطه في غيرها ولأن السيد لا حق له في الوطء فلا يجب استئذانه في كيفيته ولأن على الزوج ضررا في رق ولده بخلاف الحرة ويحتمل أن يكون الاستئذان للحرة والأمة مستحبا غبر واجب لأن حقهما في الوطء لا في الإنزال بدليل خروجه بذلك من الفيئة والعنة .
فصل : .
وإذا كان له زوجتان لم يجمع بينهما في مسكن واحد إلا برضاهما لأن عليهما فيه ضررا ويؤدي إلى الخصومة ولا يطأ إحداهما بحضرة الأخرى لأن فيه دناءة وسوء عشرة وإثارة للغيرة