باب ذوي الفروض .
وهم عشرة : الزوجان والأبوان والجد والجدة والبنت وبنت الابن والأخت من كل جهة والأخ من الأم فأما الزوج فله النصف إذا لم يكن للميتة ولد ولا ولد ابن والربع إذا كان معه أحدهما وللزوجة والزوجات الربع مع عدم الولد وولد الابن والثمن مع أحدهما لقوله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم } وولد الابن ولد بدليل قوله تعالى : { يا بني آدم } و { يا بني إسرائيل } والأربع من النساء كالواحدة لعموم اللفظ فيهن .
فصل : .
فأما الأم فلها ثلاثة فروض : الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن أو اثنان من الإخوة والأخوات لقوله تعالى : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس } وقسنا الأخوين على الإخوة لأن كل فرض تعين بعدد كان الاثنان فيه بمنزلة الجماعة كفرض البنات والأخوات .
الفرض الثالث : لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجين في زوج وأبوين وامرأة وأبوين لأن عمر قضى بهذه القضية فاتبعه عثمان وابن مسعود و زيد وتسمى هاتان المسألتان : العمريتان لقضاء عمر فيهما ولأن الفريضة جمعت الأبوين مع ذي فرض واحد فكان للأم ثلث الباقي كما لو كان معها بنت .
فصل : .
وللأم حال رابع وهو : إذا لاعنها زوجها ونفى ولدها وتم اللعان بينهما انتفى عنه وانقطع تعصيبه منه ولم يرثه هو ولا أحد من عصباته وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم والباقي لعصبته وفيه روايتان : .
إحداهما : أن عصبته عصبة أمه لأن النبي A قال : [ ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر ] وأولى الرجال به أقارب أمه وعن علي أنه لما رجم المرأة دعا أولياءها فقال : هذا ابنكم ترثونه ولا يرثكم حكاه أحمد .
والرواية الثانية : أن أمه عصبته وإن لم تكن فعصبتها عصبته لما روى واثلة بن الأسقع عن النبي A أنه قال : [ تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه ] قال الترمذي : هذا حديث حسن ولأنها قامت مقام أبيه في انتسابه إليها فقامت مقامه في حيازة ميراثه فعلى هذه الرواية لو مات ابن ابن الملاعنة وخلف أمه وجدته الملاعنة لكان لأمه الثلث والباقي لجدته ويعايا بها فيقال : جدة ورثت مع أم أكثر منها وإن خلف ابن الملاعنة أمه وأخاه وخاله فلأمه الثلث ولأخيه السدس وباقيه له لأنه عصبة أمه في إحدى الروايتين والأخرى : الباقي للأم وإن لم يكن أخ فالباقي للخال على إحدى الروايتين .
فصل : .
وللأب ثلاثة أحوال .
حال : يرث فيها بالفرض المجرد وهي مع الابن أو ابنه يرث السدس لقوله تعالى : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } .
وحال : يرث فيها بالتعصيب المجرد وهي مع عدم الولد لقوله تعالى : { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } أضاف الميراث إليهما ثم خص الأم منه بالثلث دل على أن باقيه للأب .
والحال الثالث : يجتمع له الأمران السدس بالفرض للآية والباقي بالتعصيب لقول النبي A : [ ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر ] وهي مع إناث الولد .
فصل : .
وللجد أحوال الأب الثلاثة وإن اجتمع مع الأم أحد الزوجين فللأم الثلث كاملا وله حال رابع وهي مع الإخوة من الأبوين أو من الأب فإنه لم يسقطهم لأنهم يدلون بالأب فلم يسقطهم كأم الأب ولكنه يقاسمهم كأخ ما لم تنقصه المقاسمة من الثلث فإن نقصته منه بأن زاد الإخوة على اثنين أو الأخوات على أربعة فله الثلث والباقي لهم فإن كان معهم ذو فرض أخذ فرضه وجعل للجد الأحظ من ثلاثة أشياء المقاسمة كأخ أو ثلث الباقي لأن الفرض كالمستحق فصار الباقي كجميع المال أو سدس جميع المال لأن ولد الصلب لا يمنعونه السدس فولد الأب أولى ولا يفرض للأخوات مع الجد لأننا جعلناه كالأخ فيعصب الأخت كالأخ ولا تعول مسائله إلا في مسألة واحدة تسمى : الأكدرية لتكديرها أصول زيد حيث أعال مسائل الجد وفرض للأخت معه وهي زوج وأم وأخت وجد فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس ثم يفرض للأخت النصف لأنه لم يبق لها شيء ولا مسقط لها ها هنا ثم يجمع سدس الجد ونصف الأخت فيقسم بينهما على ثلاثة لئلا تفضل الأخت الجد فتضرب الثلاثة في مسألة وعولها وهي تسعة صارت من سبعة وعشرين للأم ستة وللزوج تسعة وللجد ثمانية وللأخت أربعة ولو كانت أم وأخت وجد فللأم الثلث والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة أسهم وتسمى : الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها ولو كان مكان الأخت أخ كان المال بينهم أثلاثا .
فصل في المعادة : .
ولد الأب إذا انفردوا يقومون مقام ولد الأبوين في مقاسمة الجد فإن اجتمعوا فإن ولد الأبوين يعادون الجد بولد الأب لأن من حجب بولد الأبوين وولد الأب إذا انفردوا حجب بهما إذا اجتمعا كالأم وما حصل لولد الأب أخذه منهم ولد الأبوين لأنهم أولى بالإرث منهم ولا شيء لولد الأب إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فيردون عليها قدر فرضها والباقي لهم ولا يتفق هذا في مسألة فيها فرض إلا أن يكون الفرض السدس فإن اجتمع أخوان في الجهتين وجد اقتسموا أثلاثا ثم اخذ الأخ للأبوين ما حصل لأخيه فإن كان مكان الأخوين أختان اقتسموا أرباعا ثم أخذت الأخت للأبوين ما حصل لأختها لتستكمل النصف فإن كان مع التي من قبل الأب أخوها اقتسموا أسداسا ثم أخذت منهما تمام فرضها يبقى لهما السدس على ثلاثة وتصح في ثمانية عشر فإن كان معهم أم فلها السدس وتفعل فيما بقي كما فعلت في أصل المال فتصح في مائة وثمانية وإن شئت فرضت للجد ثلث الباقي بعد السدس ولا ثلث له فتضرب ثلاثة في ستة تكن ثمانية عشر للأم ثلاثة وللجد خمسة وللأخت النصف تسعة يبقى سهم بين الأخ وأخته على ثلاثة تضربها في ثمانية عشر تكن أربعة وخمسين وتسمى : مختصرة زيد لاختصارها من مائة وثمانين إلى أربعة وخمسين ولو كانت : أم وجد وأخت لأبوين وأخوان وأخت الأب لصحت في تسعين وتسمى : تسعينية زيد لصحتها من تسعين على مذهبه .
فصل : .
وللجدة السدس ـ وإن كثرن لم يزدن على السدس شيئا ـ فرضا لما روى قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر تطلب ميراثها فقال : ما لك من كتاب الله شيء وما أعلم لك من سنة رسول الله A شيئا ولكن ارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله A أعطاها السدس فقال : هل معك غيرك ؟ فشهد له محمد بن مسلمة فأمضاه لها أبو بكر فلما كان عمر جاءت الجدة الأخرى فقال عمر : ما لك في كتاب الله شيء وما كان القضاء الذي قضى به إلا في غيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فهو لكما وأيكما خلت به فهو لها قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح .
ولا يرث من الجدات أكثر من ثلاث : أم الأم وأم الأب وأم الجد ومن كان من أمهاتهن وإن علت درجتهن فلهن السدس إذا تحاذين في الدرجة لما روى سعيد بإسناده عن إبراهيم أن النبي A ورث ثلاث جدات ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم قال إبراهيم : كانوا يورثون من الجدات ثلاثا وهذا يدل على أنه لا يرث أكثر من ثلاث وأجمع أهل العلم على أن أم أبي الأم لا ترث وكذلك كل جدة أدلت بأب بين أمين لأنها تدلي بغير وارث قال الشعبي : إنما طرحت أم أبي الأم لأن أبا الأم لا يرث ولا ترث جدة تدلي بأب أعلى من الجد لأنها خرجة عن الثلاث اللاتي ورثهن النبي A ويحتمل كلام الخرقي توريثها لأنها تدلي بوارث وإن كان بعض الجدات أقرب من بعض فالميراث لأقربهن لأن الجدات أمهات يرثن ميراث الأم وكذلك سقطن بها فإذا اقترب بعضهن أسقطت البعدى كما لو كانت القربى من جهة الأم .
وعنه : أن القربى من جهة الأم تسقط البعدى من جهة الأب والقربى من جهة الأب لا تسقط البعدى من جهة الأم لأنها تدلي بمن لا يسقطها وهو الأب فأولى أن لا تكون هي مسقطة لها وترث الجدة وابنها حي سواء كان أبا أو جدا لما روى سعيد بن منصور بإسناده عن ابن مسعود : أن أول جدة أطعمت السدس أم أب مع ابنها ورواه الترمذي ولفظه قال : أول جدة أطعمها رسول الله A السدس الجدة مع ابنها وابنها حي .
وعنه : لا ترث لأنها تدلي به فلا ترث معه كالجد والجدات المتحاذيات : أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب السدس بينهن أثلاثا فإن أدلت جدة بقرابتين وأخرى بقرابة واحدة فلذات القرابتين ثلثا السدس في قياس قول أحمد وللأخرى ثلثه لأنها شخص ذو قرابتين تورث كل واحدة منهما منفردة فإذا اجتمعا ولم يرجح بهما ورث بهما كابن العم إذا كان أخا لأم أو زوجا .
فصل : .
فأما البنات فلهن الثلثان وإن كثرن وللواحدة إذا انفردت النصف لقوله تعالى : { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف } وحكم البنتين حكم ما زاد عليهما لما روى جابر بن عبد الله قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها إلى رسول الله A فقالت : يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال قال : [ يقضي الله في ذلك ] فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله A إلى عمهما فقال : [ أعط ابنتي سعيد الثلثين وأعط أمهما الثمن فما بقي فهو لك ] رواه أبو داود .
فصل : .
وبنات الابن كبنات الصلب سواء إن لم يكن للميت ولد من صلبه للواحدة النصف وللثنتين فصاعدا الثلثان لأنهن بنات لأن كل موضع سمى الله فيه الولد دخل فيه ولد الابن وإن كان من ولد الصلب بنت واحدة فلها النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر السدس تكملة الثلثين لأن الله تعالى لم يفرض للبنات إلا الثلثين وهؤلاء بنات وقد سبقت بنت الصلب فأخذت النصف لأنها أعلى درجة منهن فكان الباقي لهن السدس ولهذا يسميه الفقهاء تكملة الثلثين وقد روى الهزيل قال : سئل أبو موسى عن بنت وبنت ابن وأخت فقال : للبنت النصف وللأخت النصف وائت ابن مسعود فسئل ابن مسعود ـ وأخبر بقول أبي موسى ـ فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها ما قضى رسول الله : للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال : لا تسألوني ما دام هذا الخبر فيكم رواه أحمد و البخاري .
فصل : .
وللأخت للأبوين النصف وللبنتين فصاعدا الثلثان لقوله تعالى : { إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } .
وحكم الأخوات من الأب إذا انفردن حكم الأخوات من الأبوين سواء لدخولهن في لفظ الآية .
وإن اجتمع الأخوات من الجهتين فحكم ولد الأب مع ولد الأبوين حكم بنات الابن مع بنات الصلب سواء لأنهن في معناهن .
وإن اجتمع الأخوات مع البنات صار الأخوات عصبة لهن ما فضل وليس لهن معهن فريضة مسماة لقوله تعالى : { إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك } فشرط في فرضها عدم الولد فاقتضى ألا يفرض لها مع وجوده ولما ذكرنا من حديث الهزيل .
فصل : .
فاما ولد الأم فلواحدهم السدس ذكرا كان أو أنثى وللاثنين السدسان فإن كثروا فهم شركاء في الثلث لقوله تعالى : { وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } يعني ولد الأم بإجماع أهل العلم وفي قراءة عبد الله وسعد : وله أخ أو أخت من أم