باب تضمين الأجير واختلاف المتكاريين .
الأجير على ضربين : خاص ومشترك فالخاص : هو الذي يؤجر نفسه مدة فلا ضمان عليه فيما يتلف في يده بغير تفريط مثل أن يأمره بالسقي فيكسر الجرة أو بكيل شيء فيكسر الكيل أو بالحرث فيكسر آلته نص عليه أو بالرعي فتهلك الماشية بغير تفريطه والمشترك : الذي يؤجر نفسه على عمل فظاهر كلام الخرقي أنه يضمن ما تلف بعمله ونص عليه أحمد Bه في حائك دفع إلى غزل فأفسد حياكته يضمن والقصار ضامن لما يتخرق من مده ودقه وعصره وبسطه والطباخ ضامن لما أفسد من طبخه لما روى جلاس بن عمرو أن عليا Bه كرم الله وجهه : كان يضمن الأجير ولأنه قبض العين لمنفعة من غير استحقاق فكان ضامنا لها كالمستعير وقال القاضي وأصحابه : إن كان يعمل في ملك المستأجر كخياط أو خباز أخذه إلى دار ليستعمله فيها فلا ضمان عليه ما لم يتعد فيه مثل أن يسرف في الوقود أو يلزقه قبل وقته أو يتركه بعد وقته فيضمن لأنه أتلفه بعدوانه وما لا فلا ضمان عليه لأنه سلم نفسه لصاحب العمل فأشبه الخاص وإن كان العمل في غير ملك المستأجر ضمن ما جنت يداه لما ذكرناه ولا ضمان عليه فيما تلف من حرزه لأنها أمانة في يده فأشبه المودع وإن حبسها على أجرتها فتلفت ضمنها لأنه متعد بإمساكها إذ ليست رهنا ولا عوضا عن الأجرة .
فصل : .
ولا ضمان على المستأجر في عين المستأجرة إن تلفت بغير تفريط لأنه قبضها ليستوفي ما ملكه فيها فلم يضمنها كالزوجة والنخلة التي اشتراها ليستوفي ثمرتها وإن تلفت بفعله بغير عدوان كضرب الدابة وكبحها لم يضمن لأنها تلفت من فعل مستحق فلم يضمنها كما لو تلفت تحت الحمل وإن تلفت بعدوان كضربها من غير حاجة أو لإسرافه فيه ضمن لأنه جناية عن مال الغير وإن اكترى إلى مكان فتجاوزه فهلك الظهر ضمنه لأنه متعد أشبه الغاصب وإن هلك بعد نزوله عنه وتسليمه إلى صاحبه لم يضمنه لأنه برئ بتسليمه إليه إلا أن يكون هلاكه لتعب الحمل فيضمنه لأنه هلك بدونه وإن حمل عليه أكثر مما استأجره فتلف ضمنه لذلك وإن اكترى دابة ليركبها فركب معه آخر بغير إذن فتلف ضمانها الآخر كلها لأن عدوانه سبب تلفها فضمنها كمن ألقى حجرا في سفينة موقرة فغرقها وإن تلفت الدابة بعد عودها إلى المسافة ضمنها لأن يده صارت ضامنة فلم يسقط عنه ذلك إلا بإذن جديد ولم يوجد .
فصل : .
ولو قال لخياط : إن كان هذا يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمنه لأن إنما أذن له في قطعة بشرط الكفاية ولم يوجد وإن قال : هو يكفيك قميصا فقال : اقطعه فقطعه فلم يكفه لأنه قطعه بإذن مطلق .
فصل : .
ومن أجر عينا فامتنع من تسليمها فلا أجرة له لأنه لم يسلم المعقود عليه فلم يستحق عوضه كالمبيع إذا لم يسلمه وإن سلمه بعض المدة ومنعه بعضا فقال أصحابنا : لا أجرة له لأنه لم يسلم ما تناوله العقد فأشبه الممتنع عن تسليم الجميع ويحتمل أن يلزمه عوض ما استوفاه كما باعه مكيلا فسلم إليه بعضه ومنعه من باقيه وإن أجر نفسه على عمل وامتنع من إتمامه فكذلك وإن أجر عبده فهرب أو دابة فشردت في بعض المدة فله من الأجرة بقدر ما استوفي من المدة لأن الامتناع بغير فعله فأشبه ما لو مات وإن تلف الثوب في يد الصانع بغير تفريطه فلا أجرة له فيما عمل لأنه لم يسلمه إلى المستأجر فلم يستحق عوضه وإن تلف بتفريطه خير المالك بين تضمنه إياه معمولا ويدفع إليه أجرته وبين تضمينه إياه غير معمول ولا أجرة له وإن استأجر الأجير المشترك أجيرا خاصا فأتلف الثوب فلا ضمان على الخاص ويضمنه المشترك .
فصل : .
وإذا ختلف المتكاريان في قد الأجرة أو المنفعة تحالفا لأنه عقد معاوضة أشبه البيع ثم الحكم في فسخ الإجارة كالحكم في فسخ البيع لأنها بيع وإن اختلفا في العدوان فالقول قول المستأجر لأن الأصل عدم العدوان والبراءة من الضمان وإن اختلفا في رد العين ففيه وجهان : .
أحدهما : القول قول المؤجر لأن الأصل عدم الرد ولأن المستأجر قبض العين لنفسه أشبه المستعير .
والثاني : القول قول الأجير لأنه أمين فأشبه المودع وإن هلكت العين فقال الأجير : هلكت بعد العمل فلي الأجرة فأنكره المستأجر فالقول قوله لأن الأصل عدم العمل وإن دفع ثوبا إلى خياط فقطعه قباء وقال : بهذا أمرتني فلي الأجرة ولا ضمان علي وقال صاحبه : إنما أمرتك بقطعه قميصا فالقول قول الأجير نص عليه لأنه مأذون له في القطع والخلاف في صفته فكان القول قول المأذون له كالمضارب لأن الأصل عدم وجوب الغرم فكان القول قول من ينفيه ويتخرج أن يقبل قول المالك لأن والقول قوله في أصل الإذن فكذلك في صفته ولأن الأصل عدم ما ينفيه فكان القول قوله فيه