باب اختلاف المتراهنين .
إذا قال : رهنتني كذا فأنكر أو اختلفا في قدر الدين أو قدر الرهن فقال : رهنتني هذين قال : بل هذا وحده أو قال : رهنتني هذا بجميع الدين قال : بل نصفه أو قال رهنتنيه بالحال قال : بل بالمؤجل فالقول قول الراهن لأنه منكر والأصل عدم ما أنكره ولأن القول قوله في أصل العقد فكذلك في صفته فإن قال : رهنتني عبدك هذا وخرج بيمينه وإن قال : أرسلت وكيلك فرهن عبدك على ألفين قبضها مني فقال : ما أذنت له في رهنه إلا ألف سئل الرسول فإن صدق الراهن حلف على أنه ما رهنه بألف ولا قبض غيرها ولا يمين على الراهن لأن الدعوى على غيره وإن صدق المرتهن حلف الراهن وعلى الرسول ألف لأنه أقر بقبضها ويبقى العبد رهنا على ألف واحدة ومن توجهت عليه اليمين فنكل فهو كالمقر سواء .
فصل : .
فإن قال : رهنتني عبدك هذا بألف فقال : بل بعتكه بها أو قال : بعتنيه بألف فقال : بل رهنتكه بها حلف كل واحد منهما على نفي ما ادعى عليه فسقط ويأخذ السيد عبده وتبقى الألف بغير رهن .
فصل : .
وإن قال الراهن : قبضت الرهن بغير إذني فقال : بل بإذنك فالقول قول الراهن لأنه منكر وإن قال : أذنت لك ثم رجعت قبل القبض فأنكر المرتهن فالقول قوله لأن الأصل عدم الرجوع وإن كان الرهن في يد الراهن فقال المرتهن : قبضته ثم غصبتنيه فأنكر الراهن فالقول قوله لأن الأصل معه وإن أقر بتقبيضه ثم قال : احلفوه لي أنه قبض بحق ففيه وجهان : .
أحدهما : يحلف لأن ما ادعاه محتمل .
والثاني : لا يحلف لأنه مكذب لنفسه وإن رهنه عصيرا ثم وجد خمرا فقال المرتهن : إنما أقبضني خمرا فلي فسخ البيع وقال الراهن : بل كان عصيرا فقال أحمد Bه : فالقول قول الراهن لأنه يدعي سلامة العقد وصحة القبض فظاهر حال المسلم استعمال الصحيح فكان القول قول من يدعيه كما لو اختلفا في شرط يفسد المبيع ويحتمل أن القول قول المرتهن بناء على اختلاف المتبايعين في حدوث العيب ولو كان الرهن حيوانا فمات واختلفا في حياته وقت الرهن أو القبض فحكمه حكم العصير وإن أنكر المرتهن قبضه فالقول قوله لأن الأصل معه وإن وجد معيبا واختلفا في حدوثه ففيه وجهان مبنيان على الروايتين في البيع .
فصل : .
وإن كان لرجل على آخر ألف برهن وألف بغير رهن فقضاه ألفا وقال : قضيت دين الرهن فقال : هي عن الألف الآخر فالقول قول الراهن سواء اختلفا في لفظه أو نيته لأنها تنتقل منه فكان القول قوله في صفة النقل وهو أعلم بنيته ولو دفعها بغير لفظ ولا نية فله صرفها إلى أيهما شاء كما لو دفع زكاة أحد الألفين فإن أبرأه المرتهن من أحدهما فالقول قول المرتهن لذلك وإن أطلق فله صرفها إلى أيهما شاء ذكره أبو بكر .
فصل : .
وإن كان عليه ألفان لرجلين فادعى كل واحد منهما أنه رهنه بدينه فأنكرهما حلف لهما وإن صدق أحدهما أو قال : هو السابق سلمه إليه وحلف للآخر وإن نكل والعبد في يد أحدهما فعليه للآخر قيمته تجعل رهنا لأنه فوته على الثاني بإقراره للأول أو بتسليمه إليه وقال القاضي : هل يرجح صاحب اليد أو المقر له ؟ يحتمل على وجهين فإن قال : لا أعلم المرتهن منهما أو السابق حلف على ذلك والقول قول من هو في يد منهما مع يمينه وإن كان في أيديهما أو يد غيرهما فالحكم في ذلك كالحكم فيما إذا ادعيا ملكه .
فصل : .
فإن ادعى على رجلين أنهما رهناه عبدهما بدينه فأنكراه فالقول قولهما وإن شهد كل واحد مهما على الآخر قبلت شهادته لأنه لا يجلب بهذه الشهادة نفعا ولا يدفع بها ضررا وإن أقر أحدهما وحده لزم في نصيبه وتسمع شهادته على صاحبه لما ذكرناه .
فصل : .
وإن ادعى المرتهن هلاك الرهن بغير تفريط فالقول قوله لأنه أمين فأشبه المودع وإن ادعى الرد ففيه وجهان : .
أحدهما : يقبل قوله لذلك .
والثاني : لا يقبل لأنه قبضه لنفسه فلم يقبل قوله في الرد كالمستأجر وإن أعتق الراهن الجارية أو وطئها فادعى أنه بإذن المرتهن فأنكره فالقول قول المرتهن لأن الأصل معه فإن نكل قضي عليه وإن صدقه فأتت بولد فأنكر المرتهن مدة الحمل فالقول قوله لأن الأصل عدمها وإن وطئها المرتهن بإذن الراهن وادعى الجهالة وكان مثله يجهل ذلك فلا حد عليه لأن الحد يدرأ بالشبهات ولا مهر لأنه حق للسيد فسقط بإذنه والولد حر يلحق نسبه لأنه من وطء شبهة ولا تصير أم ولد لأنه لا ملك له فيها وإن لم تكن له شبهة فعليه الحد والمهر وولده رقيق