مسألة وفصل : اجتماع العشر والخراج على الأرض المفتوحة عنوة اذا ملكها مسلم فصل : من يجب العشر عليهم .
مسألة : قال : وما كان عنوة أدي عنها الخراج وزكي ما بقي اذا كان خمسة أوسق وكان لمسلم .
يعني ما فتح عنوة ووقف على المسلمين وضرب عليهم خراج معلوم فانه يؤدي الخراج من غلته وينظر في باقيها فان كان نصابا ففيه الزكاة اذا كان لمسلم وإن لم يبلغ نصابا أو بلغ نصابا ولم يكن لمسلم فلا زكاة فيه فان الزكاة لا تجب على غير المسلمين وكذلك الحكم في كل أرض خراجية وهذا قول عمر بن عبد العزيز و الزهري و يحيى الأنصاري و ربيعة و الأوزاعي و مالك ومغيرة و الليث و الحسن بن صالح و ابن أبي ليلى و ابن المبارك و الشافعي و اسحاق و أبي عبيد وقال أصحاب الرأي : لا عشر في الأرض الخراجية لقوله عليه السلام : [ لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم ] ولأنهما حقان سبباها متنافيان فلا يجتمعان كزكاة السوم والتجارة والعشر وزكاة القيمة وبيان تنافيهما أو الخراج وجب عقوبة لأنه جزية الأرض والزكاة وجبت طهرة وشكرا .
ولنا قول الله تعالى : { ومما أخرجنا لكم من الأرض } وقول النبي A [ فيما سقت السماء العشر ] وغيره من عمومات الأخبار قال ابن المبارك : يقول الله : { ومما أخرجنا لكم من الأرض } ثم قال : نترك القرآن لقول أبي حنيفة ؟ ولأنهما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم فجاز اجتماعهما كالكفارة والقيمة في الصيد الحرمي المملوك وحديثهم يرويه يحيى بن عنبسة هو ضعيف عن أبي حنيفة ثم نحمله على الخراج الذي هو جزية وقول الخرقي وكان لمسلم يعني أن الزكاة لا تجب على صاحب الأرض اذا لم يكن مسلما وليس عليه في أرضه سوى الخراج قال أحمد C : ليس في أرض أهل الذمة صدقة انما قال الله تعالى : { صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فأي طهرة للمشركين وقولهم أن سببيهما يتنافيان غير صحيح فان الخراج أجرة الأرض والعشر زكاة الزرع ولا يتنافيان كما لو استأجر أرضا فزرعها ولو كان الخراج عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية .
فصل : فان كان في غلة الأرض مالا عشر فيه كالثمار التي لا زكاة فيها والخضراوات وفيها زرع فيه الزكاة جعل ما لا زكاة فيه في مقابلة الخراج زكى ما فيه الزكاة اذا كان مالا زكاة فيه وافيا بالخراج وان لم يكن لها عليه الا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها وزكى ما بقي وهذا قول عمر بن عبد العزيز اذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بخراج وإن لم يكن لهما غلة إلا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها .
روى أبو عبيد عن ابراهيم بن أبي عبلة قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبدالله بن أبي عوفي عامله على فلسطين فيمن كانت في يده أرض يحرثها من المسلمين أو يقبض منها جزيتها ثم يأخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية قال ابن أبي عبلة : أنا ابتليت بذلك ومني أخذوا ذلك لأن الخراج من مؤنة الأرض فيمنع وجوب الزكاة في قدره كما قال أحمد : من استدان ما أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على أهله احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله لأنه من مؤنة الزرع وبهذا قال ابن عباس وقال عبد الله بن عمر : يحتسب بالدينين جميعا ثم يخرج مما بعدهما وحكي عن أحمد أن الدين كله يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة فعلى هذه الرواية يحسب كل دين عليه ثم يخرج العشر مما بقي إن بلغ نصابا وان لم يبلغ نصابا فلا عشر فيه وذلك لأن الواجب زكاة فمنع الدين وجوبها كزكاة الأموال الباطنة ولأنه دين فمنع وجوب العشر كالخراج وما أنفقه على زرعه والفرق بينهما على الرواية الاولى أن ما كان من مؤنة الزرع فالحاصل في مقابلته يجب صرفه الى غيره فكأنه لم يحصل .
فصل : ومن استأجر أرضا فزرعها فالعشر عليه دون مالك الأرض وبهذا قال مالك و الثوري و شريك و ابن المبارك و الشافعي و ابن المنذر وقال أبو حنيفة : هو على مالك الأرض لأنه من مؤنتها أشبه الخراج .
ولنا أنه واجب في الزرع فكان على مالكه كزكاة القيمة فيما اذا أعده للتجارة وكعشر زرعه في ملكه ولا يصح قولهم إنه من مؤنة الأرض لأنه لو كان من مؤنتها لوجب فيها وان لم تزرع كالخراج ولو وجب على الذمي كالخراج ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع ولوجب صرفه إلى مصارف الفيء دوم مصرف الزكاة ولو استعار أرضا فزرعها فالزكاة على صاحب الزرع لأنه مالكه وإن غصبها فزرعها وأخذ الزرع فالعشر عليه أيضا لأنه ثبت على ملكه وإن أخذه مالكها قبل اشتداد حبه فالعشر عليه وإن أخذه بعد ذلك احتمل أن يجب عليه أيضا لأن أخذه اياه استند الى أول زرعه فكأنه أخذه من تلك الحال ويحتمل أن تكون زكاته على الغاصب لأنه كان ملكا له حين وجوب عشره وهو حين اشتداد حبه وإن زارع رجلا مزارعة فاسدة فالعشر على من يجب الزرع له وإن كانت صحيحة فعلى كل واحد منهما عشر حصته إن بلغت خمسة أوسق أو كان له من الزرع ما يبلغ بضمه اليها خمسة أوسق وإلا فلا عشر عليه وإن بلغت حصة أحدهما دون صاحبه النصاب فعلى من بلغت حصته النصاب عشرها ولا شيء على الآخر لأن الخلطة لا تؤثر في غير السائمة في الصحيح ونقل عن أحمد أنها تؤثر فيلزمهما العشر اذا بلغ الزرع جميعه خمسة أوسق ويخرج كل واحد منهما عشر نصيبه إلا أن يكون أحدهما ممن لا عشر عليه كالمكاتب والذمي فلا يلزم شريكه عشرا إلا أن تبلغ حصته نصابأ وكذلك الحكم في المساقاة