مسألة وفصول : الحيلة لاسقاط الزكاة لا تسقطها اذا حال الحول أو قبل الحول .
مسألة : قال : ومن كانت عنده ماشية فباعها قبل الحول بدراهم فرارا من الزكاة لم تسقط الزكاة عنه .
قد ذكرنا أن ابدال النصاب بغير جنسه يقطع الحول ويستأنف حولا آخر فان فعل هذا فرارا من الزكاة لم تسقط عنه سواء كان المبدل ماشية أو غيرها من النصب وكذا لو أتلف جزءا من النصاب قصدا للتنقيص لتسقط عنه الزكاة لم تسقط وتؤخذ الزكاة منه في آخر الحول اذا كان ابداله واتلافه عند قرب الوجوب ولو فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة لأن ذلك ليس بمظنة للفرار وبما ذكرناه قال مالك و الأوزاعي و ابن الماجشون و اسحق و أبو عبيد وقال أبو حنيفة و الشافعي : تسقط عنه الزكاة لأنه نقص قبل تمام حوله فلم تجب فيه الزكاة كما لو أتلف لحاجته .
ولنا قول الله تعالى : { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون * فأصبحت كالصريم } فعاقبهم الله تعالى بذلك لفرارهم من الصدقة ولأنه قصد اسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم يسقط كما لو طلق امرأته في مرض موته ولأنه لما قصد قصدا فاسدا اقتضت الحكمة معاقبته بنقيض قصده كمن قتل مورثه لاستعجال ميراثه عاقبه الشرع بالحرمان واذا أتلفه لحاجته لم يقصد قصدا فاسدا .
فصل : واذا حال الحول أخرج الزكاة من جنس المال المبيع دون الموجود لأنه الذي وجبت الزكاة بسببه ولولاه لم تجب في هذا زكاة .
فصل : فان لم يقصد بالبيع ولا بالتنقيص القرار انقطع الحول واستأنف بما استبدل به حولا إن كان محلا للزكاة فان وجد بالثاني عيبا فرده أو باعه بشرط الخيار ثم استرده استأنف أيضا حولا لزوال ملكه بالبيع قل الزمان أو كثر وقد ذكر الخرقي هذا في موضع آخر فقال والماشية اذا بيعت بالخيار فلم ينقض الخيار حتى ردت استقبل البائع بها حولا سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري لأنه تجديد ملك وإن حال الحول على النصاب الذي اشتراه وجبت فيه الزكاة فان وجد به عيبا قبل اخراج زكاته فله الرد سواء قلنا الزكاة تتعلق بالعين أو بالذمة لما بينا من أن الزكاة فان وجد به عيبا قبل اخراج زكاته فله الرد سواء قلنا الزكاة تتعلق بالعين أو بالذمة لما بينا من أن الزكاة لا تجب في العين بمعنى استحقاق الفقراء جزءا منه بل بمعنى تعلق حق به كتعلق الأرش بالجاني فيرد النصاب وعليه اخراج زكاته من مال آخر فان أخرج الزكاة منه ثم أراد رده انبنى على المعيب اذا حدث به عيب آخر عند المشتري هل له رده ؟ على روايتين : وانبنى أيضا على تفريق الصفقة فان قلنا يجوز جاز الرد ههنا وإلا لم يجز ومتى رده فعليه عوض الشاة المخرجة تحسب عليه بالحصة من الثمن والقول قوله في قيمتها مع يمينه اذا لم تكن بينة لأنها تلفت في يده فهو أعرف بقيمتها ولأن القيمة مدعاة عليه فهو غارم والقول في الأصول قول الغارم وفيه وجه آخر أن القول قول البائع لأنه يغرم الثمن فيرده والأول أصح لأن الغارم لثمن الشاة المدعاة هو المشتري فان أخرج الزكاة من غير النصاب فله الرد وجها واحدا .
فصل : فان كان البيع فاسدا لم ينقطع حول الزكاة في النصاب وبني على حوله الاول لأن الملك ما انتقل فيه إلا أن يتعذر رده فيصير كالمغصوب على ما مضى .
فصل : ويجوز التصرف في النصاب الذي وجبت الزكاة فيه بالبيع والهبة وأنواع التصرفات وليس للساعي فسخ البيع وقال أبو حنيفة : تصح إلا أنه اذا امتنع من اداء الزكاة نقض البيع في قدرها وقال الشافعي : في صحة البيع قولان .
أحدهما : لا يصح لأننا إن قلنا إن الزكاة تتعلق بالعين فقد باع مالا يملكه وإن قلنا تتعلق بالذمة فقدر الزكاة مرتهن بها وبيع الرهن غير جائز .
ولنا أن النبي A نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها متفق عليه ومفهومه صحة بيعها اذا بدا صلاحها وهو عام فيما وجبت فيه الزكاة وغيره ونهى عن بيع الحب حتى يشتد وبيع العنب حتى يسود وهما مما تجب الزكاة فيه ولأن الزكاة وجبت في الذمة والمال خال عنها فصح بيعه كما لو باع ماله وعليه دين آدمي أو زكاة فطر وإن تعلقت بالعين فهو تعلق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب فلم يمنع بيع جميعه كارش الجناية وقولهم : باع ما لا يملكه لا يصح فان الملك لم يثبت للفقراء في النصاب بدليل أن له اداء الزكاة من غيره ولا يتمكن الفقراء من الزامه أداء الزكاة منه وليس برهن فان أحكام الرهن غير ثابتة فيه فاذا تصرف في النصاب أخرج الزكاة من غيره وإلا كلف اخراجها وإن لم يكن له كلف تحصيلها فان عجز بقيت الزكاة في ذمته كسائر الديون ولا يؤخذ من النصاب ويحتمل أن يفسح البيع في قدر الزكاة وتؤخذ منه ويرجع البائع عليه بقدرها لأن على الفقراء ضررا في اتمام البيع وتفويتا لحقوقهم فوجب فسخه لقول النبي A : [ لا ضرر ولا ضرار ] وهذا أصح