مسألة وفصل : تحديد مصرف الزكاة : الأصناف الثمانية التي ذكرها الله .
مسألة : قال : ولا يعطى الا في الثمانية الاصناف التي سمى الله تعالى .
يعني قول الله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل } وقد ذكرهم الخرقي في موضع آخر فنؤخر شرحهم اليه .
وقد روى زياد بن الحارث الصدائي قال : [ أتيت النبي A فبايعته قال فأتاه رجل فقال : أعطني من الصدقة فقال له رسول الله A : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء فان كنت من تلك الاجزاء أعطيتك حقك ] رواه أبو داود وأحكامهم كلها باقية وبهذا قال الحسن و الزهري و أبو جعفر محمد بن علي وقال الشعبي و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي : انقطع سهم المؤلف بعد رسول الله A وقد أعز الله تعالى الاسلام وأغناه عن أن يتألف عليه رجال فلا يعطى مشرك تألفا بحال قالوا وقد روي هذا عن عمر .
ولنا كتاب الله وسنة رسوله فان الله تعالى سمى المؤلفة في الاصناف الذين سمى الصدقة لهم والنبي A قال : [ إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء ] وكان يعطي المؤلفة كثيرا في أخبار مشهورة ولم يزل كذلك حتى مات ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ والنسخ لا يثبت بالاحتمال ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي A لأن النسخ إنما يكون بنص ولا يكون النص بعد موت النبي A وانقراض زمن الوحي ثم إن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم أو بقول صحابي أو غيره على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك بها قياس فكيف يتركون به الكتاب والسنة قال الزهري : لا أعلم شيئا نسخ حكم المؤلفة على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة فان الغنى عنهم لا يوجب رفع حكمهم وانما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم فمتى دعت الحاجة إلى اعطائهم أعطوا فكذلك جميع الاصناف اذا عدم منهم صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمن خاصة فاذا وجد عاد حكمه كذا ههنا .
فصل : ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر والسقايات واصلاح الطرقات وسد البثوق وتكفين الموتى والتوسعة على الأضياف وأشباه ذلك من القرب التي لم يذكرها الله تعالى وقال أنس و الحسن : ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة ماضية والأول أصح لقوله سبحانه وتعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } وانما للحصر والإثبات تثبت المذكور وتنفي ما عداه والخبر المذكور قال أبو داود : سمعت أحمد وسئل يكفن الميت من الزكاة ؟ قال لا ولا يقضى من الزكاة دين الميت وانما لم يجز دفعها في قضاء دين الميت لأن الغارم هو الميت ولا يمكن الدفع اليه وإن دفعها الى غريمه صار الدفع إلى الغريم لا إلى الغارم وقال أيضا : يقضى من الزكاة دين الحي ولا يقضى منها دين الميت لأن الميت لا يكون غارما قيل فانما يعطى أهله قال إن كانت على أهله فنعم