مسائل وفصول : ولا تعطى لكافر ولا مملوك الا بقدر أجرته أو أن يكون من المؤلفة قلوبهم .
مسألة : قال : ولا لكافر ولا لمملوك .
لانعلم بين أهل العلم خلافا في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر ولا لمملوك قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا ولأن النبي A قال لمعاذ : [ أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم ] فخصهم بصرفها الى فقرائهم كما خصهم بوجوبها على أغنيائهم .
وأما المملوك فلا يملكها بدفعها اليه وما يعطاه فهو لسيده فكأنه دفعها الى سيده ولأن العبد يجب على سيده نفقته فهو غني بغنائه .
مسألة : قال : الا يكونوا من العاملين عليها فيعطون بحق ما عملوا .
وجملته أنه يجوزه للعامل أن يأخذ عمالته من الزكاة سواء كان حرا أو عبدا وظاهر كلام الخرقي أنه يجوز أن يكون كافرا وهذي إحدى الروايتين عن أحمد لأن الله تعالى قال : { والعاملين عليها } وهذا لفظ عام يدخل فيه كل عامل على أي صفة كان ولأن ما يأخذ على العمالة أجرة عمله فلم يمنع من أخذه كسائر الاجارات والرواية الأخرى لا يجوز أن يكون العامل كافرا لأن من شرط العامل أن يكون أمينا والكفر ينافي الأمانة يجوز أن يكون غنيا وذا قرابة لرب المال وقوله : بحق ما عملوا يعني يعطيهم بقدر أجرتهم والامام مخير اذا بعث عاملا ان شاء استأجره اجارة صحيحة ويدفع اليه ما سمى له وان شاء بعثه بغير اجارة ويدفع اليه أجر مثله وهذا كان المعروف على عهد رسول الله A فانه لم يبلغنا أنه قاطع أحدا من العمال على أجر وقد روى أبو داود باسناده [ عن ابن الساعدي قال : استعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها اليه أمر لي العمالة فقلت انما عملت لله وأجري على الله قال : خذ ما أعطيت فاني قد عملت على عهد رسول الله عليه وسلم فعملني فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله A : اذا أعطيت شيئا من غير ان تسألة فكل وتصدق ] .
فصل : ويعطى منها أجر الحاسب والكاتب والحاشد والخازن والحافظ والراعي ونحوهم فكلهم معدودون من العاملين عليها ويدفع اليهم من حصة العاملين عليها فأما أجر الوزان والكيال ليقبض الساعي الزكاة فعلى رب المال لأنه من مؤنه دفع الزكاة .
فصل : ولا يعطى الكافر من الزكاة الا لكونه مؤلفا على ما سنذكره ويجوز أن يعطى لإنسان ذا قرابة من الزكاة لكونه غازيا أو مؤلفا أو غارما في إصلاح ذات البين أو عاملا ولا يعطى لغير ذلك وقد روى أبو داود باسناده عن عطاء بن يسار عن النبي A أنه قال : [ لا تحل الصدقة الا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل ابتاعها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فاهدى المسكين الى الغني ] ورواه أيضا عن عطاء عن أبي سعيد عن النبي A .
فصل : وإن اجتمع في واحد أسباب تقتضي الأخذ بها جاز أن يعطى بها فالعامل الفقير له أن يأخذ عمالته فان لم تغنه فله أن يأخذ ما يتم به غناه فان كان غازيا فله أخذ ما يكفيه لغزوه وإن كان غارما أخذ ما يقضي به غرمه لأن كل واحد من هذه الأسباب يثبت حكمه بانفراده فوجود غيره لا يمنع ثبوت حكمه كما لم يمنع وجوده وقد روي عن أحمد أنه قال : اذا كان له مائتان وعليه مثلها لا يعطى من الزكاة لأن المغني خمسون درهما وهذا يدل على أنه يعتبر في الدفع إلى الغارم أن يكون فقيرا فاذا أعطي لأجل الغرم وجب صرفه إلى قضاء الدين وإن أعطي للفقير جاز أن يقضي به دينه