مسألة وفصلان : اشتراط النية في الزكاة .
مسألة : قال : ولا يجوز اخراج الزكاة إلا بنية .
الا أن يأخذها الامام منه قهرا مذهب عامة الفقهاء أن النية شرط في أداء الزكاة الا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال لا تجب لها النية لأنها دين فلا تجب لها النية كسائر الديون ولهذا يخرجها ولي اليتيم ويأخذها السلطان من الممتنع .
ولنا قول النبي A : [ انما الاعمال بالنيات ] وأداؤها عمل ولأنها عبادة فتتنوع الى فرض ونفل فافتقرت الى النية كالصلاة وتفارق قضاء الدين فانه ليس بعبادة ولهذا يسقط باسقاط مستحقه وولي الصبي والسلطان ينوبان عند الحاجة فاذا ثبت هذا فان النية أن يعتقد أنها زكاته أو زكاة من يخرج عنه كالصبي والمجنون ومحلها القلب لأن محل الاعتقادات كلها القلب .
فصل : ويجوز تقديم النية على الأداء بالزمن اليسير كسائر العبادات ولأن هذه تجوز النيابة فيها فاعتبار مقارنة النية للإخراج يؤدي الى التغرير بماله فان دفع الزكاة الى وكيله ونوى هو دون الوكيل جاز اذا لم تتقدم نيته الدفع بزمن طويل وان تقدمت بزمن طويل لم يجز إلا أن يكون قد نوى حال الدفع الى الوكيل ونوى الوكيل عند الدفع الى المستحق ولو نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجز لأن الفرض يتعلق به والاجزاء يقع عنه وإن دفعها الى الامام ناويا ولم ينو الامام حال دفعها الى الفقراء جاز وإن طال لأنه وكيل الفقراء ولو تصدق الانسان بجميع ماله تطوعا ولم ينو به الزكاة لم يجزئه وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب أبي حنيفة : يجزئه استحبابا ولا يصح لأنه لم ينو به الفرض فلم يجزئه كما لو تصدق بعضه وكما لو صلى مائة ركعة ولم ينو الفرض بها .
فصل : ولو كان له مال غائب فشك في سلامته جاز اخراج الزكاة عنه وكانت نية الاخراج صحيحة لأن الأصل بقاؤه فان نوى ان كان مالي سالما فهذه زكاته وان كان تالفا فهي تطوع فبان سالما أجزأت نيته لأنه أخلص النية للفرض ثم رتب عليها النفل وهذا حكمها كما لو لم يقله فاذا قاله لم يضر ولو قال هذا زكاة مالي الغائب أو الحاضر صح لأن التعيين ليس بشرط بدليل أن من له أربعون دينارا اذا أخرج نصف دينار عنها صح وان كان ذلك يقع عن عشرين غير معينة وان قال هذا زكاة مالي الغائب أو تطوع لم نجزئه ذكره أبو بكر لأنه لم يخلص النية للفرض أشبه ما لو قال أصلي فرضا أو تطوعا وان قال هذا زكاة مالي الغائب ان كان سالما والا فهو زكاة مالي الحاضر أجزأه عن السالم منهما وإن كانا سالمين فعن أحدهما لأن التعيين ليس بشرط وان قال زكاة مالي الغائب وأطلق فبان تالفا لم يكن له أن يصرفه الى زكاة غيره لأنه عينه فأشبه ما لو اعتق عبدا عن كفارة عينها فلم يقع عنها لم يكن له صرفه الى كفارة أخرى هذا التفريع فيما اذا كانت العينة مما لا يمنع اخراج زكاته في بلد رب المال إما لقربه أو لكون البلد لا يوجد فيه أهل السهمان أو على الرواية التي تقول باخراجها في بلد بعيد من بلد المال وان كان له مورث غائب فقال ان كان مورثي قد مات فهذه زكاة ماله الذي ورثته منه فبان ميتا لم يجزئه ما أخرج لأنه يبني على غير أصل فهو كما لو قال ليلة الشك ان كان غدا من رمضان فهو فرضي وان لم يكن فهو نفل