فصل : حكم المستفاد من الزكاة أثناء الحول .
فصل : فان استفاد مالا مما يعتبر له الحول ولا مال له سواه وكان نصابا أو كان له مال من جنسه لا يبلغ نصابا فبلغ بالمستفاد نصابا انعقد عليه حول الزكاة من حينئذ فاذا تم حول وجبت الزكاة فيه وان كان عنده نصاب لم يخل المستفاد من ثلاثة أقسام أحدها أن يكون المستفاد من نمائه كربح مال التجارة ونتاج السائمة فهذا يجب ضمه إلى ما عنده من أصله فيعتبر حوله بحوله لا نعلم فيه خلافا لأنه تبع له من جنسه فأشبه النماء المتصل وهو زيادة قيمة عروض التجارة ويشمل العبد والجارية الثاني أن يكون المستفاد من غير جنس ما عنده فهذا له حكم نفسه لا يضم الى ما عنده في حول ولا نصاب بل ان كان نصابا استقبل به حولا وزكاه وإلا فلا شيء فيه وهذا قول جمهور العلماء .
وروي عن ابن مسعود وابن عباس ومعاوية : ان الزكاة تجب فيه حين استفاده قال أحمد : عن غير واحد يزكيه حين يستفيده وروى باسناده عن ابن مسعود قال : كان عبد الله يعطينا ويزكيه وعن الأوزاعي فيمن باع عبده أو داره أنه يزكي الثمن حين يقع في يده إلأا أن يكون له شهر يعلم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله وجمهور العلماء على خلاف هذا القول منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي Bهم قال ابن عبد البر على هذا جمهور العلماء والخلاف في ذلك شذوذ ولم يعرج عليه أحد من العلماء ولا قال به أحد من أئمة الفتوى وقد روي عن أحمد فيمن باع داره بعشرة آلاف درهم إلى سنة اذا قبض المال يزكيه وانما نرى أن أحمد قال : ذلك لأنه ملك الدراهم في أول الحول وصارت دينا له على المشتري فاذا قبضه زكاة للحول الذي مر عليه في ملكه كسائر الديون وقد صرح بهذا المعنى في رواية بكر بن محمد عن أبيه فقال : اذا كرى دارا أو عبدا في سنة بألف فحصلت له الدراهم وقبضها زكاها اذا حال عليها الحول من حين قبضها وان كانت على المكتري فمن يوم وجبت له فيها الزكاة بمنزلة الدين اذا وجب له على صاحبه زكاة من يوم وجب له القسم الثالث أن يستفيد مالا من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل مثل أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول فيشتري أو يتهب مائة فهذا لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي عليه حول أيضا وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يضمه الى ما عنده في الحول فيزكيهما جميعا عند تمام حول المال الذي كان عنده الا أن يكون عوضا عن مال مزكى لأنه يضم الى جنسه في النصاب فوجب ضمه اليه في الحول كالنتاج ولأنه اذا ضم في النصاب وهو سبب فضمه اليه في الحول الذي هو شرط أولى وبيان ذلك أنه لو كان عنده مائتا درهم مضى عليها نصف الحول فوهب له مائة أخرى فان الزكاة تجب فيها اذا تم حرلها بغير خلاف ولولا المائتان ما وجب فيها شيء فاذا ضمت الى المائتين في أصل الوجوب فكذلك في وقته ولأن افراده بالحول يفضي الى تشقيص الواجب في السائمة واختلاف أوقات الواجب والحاجة الى ضبط مواقيت التملك ومعرفة قدر الواجب في كل جزء ملكه ووجوب القدر اليسير الذي لا يتمكن من اخراجه ثم يتكرر ذلك في كل حول ووقت وهذا حرج مدفوع بقوله تعالى : { ما جعل عليكم في الدين من حرج } وقد اعتبر الشرع ذلك بايجاب غير الجنس فيما دون خمس وعشرين من الإبل وجعل الأوقاص في السائمة وضم الارباح والنتاج الى حول أصلها مقرونا بدفع هذه المفسدة فيدل على أنه علة لذلك فيجب تعدية الحكم الى محل النزاع وقال مالك كقوله في السائمة دفعا للتشقيص الواجب وكقولنا في الاثمان لعدم ذلك فيها .
ولنا [ حديث عائشة عن النبي A : لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ] ورى الترمذي عن ابن عمر أنه قال : من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول وروي مرفوعا عن النبي A الا أن الترمذي قال : الموقوف أصح وإنما رفعه عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم وهو ضعيف وقد روي عن أبي بكر الصديق وعلي وابن عمر وعائشة و عطاء و عمر بن عبد العزيز و سالم و النخعي أنه لا زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول ولأنه مملوك أصلا فيعتبر فيه الحول شرطا كالمستفاد من غير الجنس ولا تشبه هذه الأموال الزروع والثمار لأنها تتكامل ثمارها دفعة واحدة ولهذا لا تتكرر الزكاة فيها وهذه نماؤها بنقلها فاحتاجت الى الحول .
وأما الأرباح والنتاج فانما ضمت الى أصلها لأنها تبع له ومتولدة منه ولا يوجد ذلك في مسألتنا وان سلمنا أن علة ضمها ما ذكروه من الحرج فلا يوجد ذلك في مسألتنا لأن الأرباح تكثر وتتكرر في الأيام والساعات ويعسر ضبطها وكذلك النتاج وقد يوجد ولا يشعر به فالمشقة فيه أثم لكثرة تكرره بخلاف هذه الأسباب المستقلة فان الميراث والاغتنام والانهاب ونحو ذلك يندر ولا يتكرر فلا يشق ذلك فيه فان شق فهو دون المشقة في الأرباح والنتاج فيمتنع قياسه عليه واليسر فيما ذكرنا أكثر لأن الانسان يتخير بين التأخير والتعجيل وما ذكروه يتعين عليه التعجيل ولا شك أن التخيير بين شيئين أيسر من تعيين أحدهما لأنه مع التخيير فيختار أيسرهما عليه وأحبهما اليه ومع التعيين يفوته ذلك وأما ضمه اليه في النصاب فلأن النصاب معتبر لحصول الغنى وقد حصل الغنى بالنصاب الأول والحول معتبر لا سيما المال ليحصل أداء الزكاة من الربح ولا يحصل ذلك بمرور الحول على أصله فوجب أن يعتبر الحول له