مسألة وفصول : ترتيب الجنائز المختلفة في وصفها والصلاة على عدة جنائز .
مسألة : قال : واذا حضرت جنازة رجل وامرأة وصبي جعل الرجل مما يلي الامام والمرأة خلفه والصبي خلفهما .
لاخلاف في المذهب أنه اذا اجتمع مع الرجال غيرهم أنه يجعل الرجال مما يلي الامام وهو مذهب أكثر أهل العلم فان كان معهم نساء وصبيان فنقل الخرقي ها هنا أن المرأة تقدم مما يلي الرجال ثم يجعل الصبي خلفهما مما يلي القبلة لأن المرأة شخص مكلف فهي أحوج الى الشفاعة ولأنه قد روي عن عمار مولى الحارث بن نوفل أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها فجعل الغلام مما يلي القبلة فانكرت ذلك وفي القوم ابن عباس و أبو سعيد الخدري و أبو قتادة وأبو هريرة فقالوا : هذه السنة والمنصوص عن أحمد في رواية جماعة من أصحابه أن الرجال مما يلي الامام والصبيان أمامهم والنساء يلين القبلة وهذا مذهب أبي حنيفة و الشافعي لأنهم يقدمون عليهن في الصف في الصلاة المكتوبة فكذلك يقدمون عليهن مما يلي الامام عند اجتماع الجنائز كالرجال .
وأما حديث عمارة فالصحيح فيه أنه جعلها مما يلي القبلة وجعل ابنها مما يليه كذلك رواه سعيد وعمار مولى بني سليم عن عمار مولى بني هاشم وأخرجه كذلك أبو داود و النسائي وغيرهما ولفظه قال : شهدت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ووضعت المرأة وراءه وفي القوم أبو سعيد الخدري و أبن عباس و أبو قتادة وأبو هريرة فقلنا لهم : فقالوا السنة .
فأما الحديث الأول فلا يصح فان زيد بن عمر هو ابن أم كلثوم بنت علي الذي صلي عليه معها وكان رجلا له أولاد كذلك قال الزبير بن بكار ولا خلاف في تقديم الرجل على المرأة ولأن زيدا ضرب في حرب كانت بين عدي في خلافة بعض بني أمية فصرع وحمل فمات والتفت صارختان عليه وعلى أمه ولا يكون إلا رجلا .
فصل : ولا خلاف في تقديم الخنثى على المرأة لأنه يحتمل أن يكون رجلا وأدنى أحواله أن يكون مساويا لها ولا في تقديم الحر على العبد لشرفه وتقديمه عليه في الامامة ولا في تقديم الكبير على الصغير كذلك وقد روى الخلال باسناده عن علي Bه في جنازة رجل وامرأة وحر وعبد وصغير وكبير يجعل الرجل مما يلي الامام والمرأة أمام ذلك والكبير مما يلي الامام والصغير أمام ذلك والحر مما يلي الامام والمملوك أمام ذلك فان اجتمع حر صغير وعبد كبير قال أحمد في رواية الحسن بن محمد في غلام حر وشيخ عبد : يقدم الحر الى الامام هذا اختيار الخلال وغلط من روى خلاف ذلك واحتج بقول علي : الحر مما يلي الامام والمملوك وراء ذلك ونقل أبو الحارث يقدم أكبرهما الى الامام وهو أصح إن شاء الله تعالى لأنه يقدم في الصف في الصلاة وقول علي أراد به اذا تساويا في الكبر والصغر بدليل أنه قال : والكبير مما يلي الامام والصغير أمام ذلك .
فصل : فان كانوا نوعا واحدا قدم إلى الأمام أفضلهم لأن النبي A كان يوم أحد يدفن الاثنين والثلاثة في القبر الواحد ويقدم أكثرهم أخذا للقرآن ولأن الأفضل يقدم في صف المكتوبة فيقدم ها هنا كالرجال مع المرأة وقد دل على الأصل قوله عليه السلام : [ ليلني منكم أولوا الاحلام والنهى ] وان تساووا في الفضل قدم الأكبر فالأكبر فان تساووا قدم السابق وقال القاضي : يقدم السابق وان كان صبيا فلا تقدم المرأة وان كانت سابقة لموضع الذكورية فان تساووا قدم الإمام من شاء منهم فان تشاح الاولياء في ذلك أقرع بينهم .
فصل : ولا خلاف بين أهل العلم في جواز الصلاة على الجنائز دفعة واحدة وان أفرد كل جنازة بصلاة جاز وقد روي عن النبي A أنه صلى على حمزة مع غيره وقال حنبل : صليت مع أبي عبد الله على جنازة امرأة منفوسة فصلى أبو إسحاق على الأم واستأمر أبا عبد الله وقال : صل على ابنتها المولودة أيضا قال أبو عبد الله : لو أنهما وضعا جميعا كانت صلاتهما واحدة تصير اذا كانت أنثى عن يمين المرأة واذا كان ذكرا عن يسارها وقال بعض أصحابنا : أفراد كل جنازة بصلاة أفضل ما لم يريدوا المبادرة وظاهر كلام أحمد في هذه الرواية التي ذكرناها أنه أفضل في الافراد وهو ظاهر حال السلف فانه لم ينقل عنهم ذلك