فصول : ما يشق بطن الميت وينبش قبره لأجله .
فصل : وإن بلع الميت مالا لم يخل من أن يكون له أو لغيره فإن كان له لم يشق بطنه لأنه استهلكه في حياته ويحتمل أنه إن كان يسيرا ترك وإن كثرت قيمته شق بطنه وأخرج لأن فيه حفظ المال عن الضياع ونفع الورثة الذين تعلق حقهم بما له بمرضه وإن كان المال لغيره وابتلعه بإذنه فهو كماله لأن صاحبه أذن في إتلافه وإن بلعه غصبا ففيه وجهان : أحدهما لا يشق بطنه ويغرم من تركته لأنه إذا لم يشق من أجل الولد المرجو حياته فمن أجل المال أولى والثاني يشق إن كان كثيرا لأن فيه دفع الضرر عن المالك برد ماله إليه وعن الميت بإبراء ذمته وعن الورثة بحفظ التركة لهم ويفارق الجنين من وجهين : أحدهما أنه لا يتحقق حياته والثاني أنه ما حصل بجنايته فعلى هذا الوجه إلا بلي جسده وغلب على الظن ظهور المال وتخلصه من أعضاء الميت جاز نبشه وإخراجه وقد روى أبو داود أن رسول الله A قال : [ أن هذا قبر أبي رغال وآية ذلك أن معه غصنا من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه ] فابتدره الناس فاستخرجوا الغصن ولو كان في أذن الميت حلق أو في إصبعه خاتم أخذ فإن صعب أخذه برد وأخذ لأن تركه تضييع للمال .
فصل : وإن وقع في القبر ما له قيمة نبش وأخرج قال أحمد : إذا نسي الحفار مسحاته في القبر جاز أن ينبش عنها وقال في الشيء يسقط في القبر مثل الفأس والدراهم : ينبش قال : إذا كان له قيمة يعني ينبش قيل : فإن أعطاه أولياء الميت ؟ قال : إن أعطوه حقه أي شيء يريد وقد روي أن المغيرة بن شعبة طرح خاتمه في قبر النبي A ثم قال : خاتمي ففتح موضع منه فأخذ المغيرة خاتمه فكان يقول : أنا أقربكم عهدا برسول الله A .
فصل : وإن دفن من غير غسل أو إلى غير القبلة نبش وغسل ووجه إلا أن يخاف عليه أن يتفسخ يترك وهذا قول مالك و الشافعي و أبي ثور وقال أبو حنيفة : لا ينبش لأن النبش مثلة وقد نهي عنها .
ولنا أن الصلاة تجب ولا تسقط بذلك كإخراج إما له قيمة وقولهم : إن النبش مثلة قلنا : إنما هو مثلة في حق من يقبر ولا ينبش .
فصل : وإن دفن قبل الصلاة فعن أحمد أنه ينبش ويصلى عليه وعنه أنه إن صلي على القبر جاز واختار القاضي أنه يصلى على القبر ولا ينبش وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي لأن النبي A صلى على قبر المسكينة ولم ينبشها ووجه الأول أنه دفن قبل واجب فنبش كما لو دفن من غير غسل وإنما يصلى على القبر عند الضرورة وأما المسكينة فقد كانت صلي عليها ولم تبق الصلاة عليها واجبة فلم تنبش لذلك فأما إن تغير الميت لم ينبش بحال .
فصل : وإن دفن بغير كفن ففيه وجهان أحدهما يترك لأن القصد بالكفن ستره وقد حصل ستره بالتراب والثاني ينبش ويكفن لأن التكفين واجب فأشبه الغسل وإن كفن بثوب مغصوب فقال القاضي : يغرم قيمته من تركته ولا ينبش لما فيه من هتك حرمته مع إمكان دفع الضرر بدونها ويحتمل أن ينبش إذا كان الكفن باقيا بحاله ليرد إلى مالكه عن ماله وإن كان باليا فقيمته من تركته فإن دفن في أرض غصب أو أرض مشتركة بينه وبين غيره بغير إذن شريكه نبش وأخرج لأن القبر في الأرض يدوم ضرره ويكثر بخلاف الكفن فإن أذن المالك في الدفن في أرضه ثم أراد إخراجه لم يملك ذلك لأن في ذلك ضررا وإن بلي الميت وعاد ترابا فلصاحب الأرض أخذها وكل موضع أجزنا نبشه لحرمة ملك الآدمي فالمستحب تركه احتراما للميت