مسألة وفصول : وضع الميت في القبر وطمره والوقوف على القبر .
مسألة : قال : ولا يدخل القبر آجرا ولا خشبا ولا شيئا مسته النار .
قد ذكرنا أن اللبن والقصب مستحب وكره أحمد الخشب وقال إبراهيم النخعي : كانوا يستحبون اللبن ويكرهون الخشب ولا يستحب الدفن في تابوت لأنه لم ينقل عن النبي A ولا أصحابه وفيه تشبه بأهل الدنيا والأرض أنشف لفضلاته ويكره الآخر لأنه من بناء المترفين وسائر ما مسته النار تفاؤلا بأن لا تمسه النار .
فصل : وإذا فرغ من اللحد أهال عليه التراب ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر ليعلم أنه قبر فيوقى ويترحم على صاحبه وروى الساجي [ عن جابر أن النبي A رفع قبره عن الأرض قدر شبر ] وروى القاسم بن محمد قالت : قلت لعائشة : يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول الله A وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرقة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء رواه أبو داود ولا يستحب رفعه بأكثر من ترابه نص عليه أحمد وروى بإسناده عن عقبة بن عامر أنه قال : لا يجعل في القبر من التراب أكثر مما خرج منه حين حفر وروى الخلال بإسناده عن جابر قال : [ نهى رسول الله A أن يزاد على القبر على حفرته ] ولا يستحب رفع القبر إلا شيئا يسيرا لقول النبي A لعلي Bه : [ لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرقا إلى سويته ] رواه مسلم وغيره والمشرف ما رفع كثيرا بدليل قول القاسم في صفة قبر النبي A وصاحبيه لا مشرقة ولا لاطية ويستحب أن يرش على القبر ماء ليلتزق ترابه قال أبو رافع : [ سل رسول الله A سعدا ورش على قبره ماء ] رواه ابن ماجة و [ عن جابر أن رسول الله A رش على قبره ماء ] رواهما الخلال جميعا .
فصل : ولا بأس بتعليم القبر بحجر أو خشبة قال أحمد : لا باس أن يعلم الرجل القبر علامة يعرفه بها قد [ علم النبي A قبر عثمان بن مظعون ] وروى أبو داود بإسناده عن المطلب قال : [ لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن أمر النبي A رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله فقام رسول الله A فحسر عن ذراعيه ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال : ( أعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهله ) ] ورواه ابن ماجة عن النبي A من رواية أنس .
فصل : وتسنيم القبر أفضل من تسطيحه وبه قال مالك و أبو حنيفة و الثوري وقال الشافعي : تسطيحه أفضل قال : وبلغنا أن رسول الله A سطح قبر ابنه إبراهيم وعن القاسم قال : رأيت قبر النبي A وأبي بكر وعمر مسطحة .
ولنا ما روى سفيان التمار أنه قال : رأيت قبر النبي A مسنما رواه البخاري بإسناده وعن الحسن مثله ولأن التسطيح يشبه أبنية أهل الدنيا وهو أشبه بشعار أهل البدع فكان مكروها وحديثنا أثبت من حديثهم وأصح فكان العمل به أولى .
فصل : وسئل أحمد عن الوقوف على القبر بعد ما يدفن يدعى للميت قال : لا باس به قد وقف علي والأحنف بن قيس وروى أبو داود بإسناده عن عثمان قال : [ كان النبي A إذا دفن الرجل وقف عليه وقال : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسئل ) ] وروى الخلال بإسناده و مسلم و البخاري عن السري قال : لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة قال : اجلسوا عند قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم فإني أستأنس بكم