فصلان : إدخال الميت القبر ووضعه فيه .
مسألة : قال : ويدخل قبره من عند رجليه إن كان أسهل عليهم .
الضمير في قوله رجليه يعود إلى القبر أي من عند موضع الرجلين وذلك أن المستحب أن يوضع رأس الميت عند رجل القبر ثم يسل سلا إلى القبر روي ذلك عن ابن عمر وأنس وعبد الله بن يزيد الأنصاري و النخعي و الشعبي و الشافعي وقال أبو حنيفة : توضع الجنازة على جانب القبر مما يلي القبلة ثم يدخل القبر معترضا لأنه يروى عن علي Bه ولأن النخعي قال : حدثني من رأى أهل المدينة في الزمن الأول يدخلون موتاهم من قبل القبلة وأن السل شيء أحدثه أهل المدينة .
لنا ما روى الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله بن يزيد الأنصاري أن الحارث أوصى أن يليه عند موته فصلى عليه ثم دخل القبر فأدخله من رجلي القبر وقال : هذا السنة وهذا يقتضي سنة النبي A وروى ابن عمر وابن عباس أن النبي A سل من قبل رأسه سلا وما ذكر عن النخعي لا يصح لأن مذهبه بخلافه ولأنه لا يجوز على العدد الكثير أن يغيروا سنة ظاهرة في الدفن إلا بسبب ظاهر أو سلطان قاهر قال : ولم ينقل من ذلك شيء ولو ثبت فسنة النبي A مقدمة على فعل أهل المدينة وإن كان الأسهل عليهم أخذه من قبل القبلة أو من رأس القبر فلا حرج فيه لأن استحباب أخذه من رجلي القبر إنما كان طلبا للسهولة عليهم والرفق بهم فإن كان الأسهل غيره كان مستحبا قال أحمد C : كل لا بأس به .
فصل : قال أحمد C : يعمق القبر إلى الصدر الرجل والمرأة في ذلك سواء كان الحسن و ابن سيرين يستحبان أن يعمق القبر إلى الصدر وقال سعيد : حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبد العزيز لما مات ابنه أمرهم أن يحفروا قبره إلى السرة ولا يعمقوا فإن ما على ظهر الأرض أفضل مما سفل منها وذكر أبو الخطاب أنه يستحب أن يعمق قدر قامة وبسطة وهو قول الشافعي لأن النبي A قال : [ احفروا وأوسعوا وأعمقوا ] رواه أبو داود ولأن ابن عمر أوصى بذلك في قبره ولأنه أحرى أن لا تناله السباع وأبعد على من ينبشه والمنصوص عن أحمد أن المستحب تعميقه إلى الصدر لأن التعميق ولم يصح عن ابن عمر أنه أوصى بذلك في قبره ولو صح عن أبي عبد الله لم يعده إلى غيره إذا ثبت هذا فإنه يستحب تحسنه وتعميقه وتوسيعه للخبر وقد [ روى زيد بن أسلم قال : وقف رسول الله A على قبر فقال : اصنعوا كذا اصنعوا كذا ثم قال : ( ما بي أن يكون يغني عنه شيئا ولكن الله يجب إذا عمل العمل أن يحكم ) ] قال معمر : وبلغني أنه قال : [ ولكنه أطيب لأنفس أهله ] رواه عبد الرزاق في كتاب الجنائز .
فصل : والسنة أن يلحد قبر الميت كما صنع بقبر النبي A قال سعد بن أبي وقاص : ألحدوا لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله A رواه مسلم ومعنى اللحد أنه إذا بلغ أرض القبر حفر فيه مما يلي القبلة مكانا يوضع الميت فيه فإن كانت الأرض رخوة جعل له من الحجارة شبه اللحد قال أحمد : ولا أحب الشق لما روى ابن عباس أن النبي A قال : [ اللحد لنا والشق لغيرنا ] رواه أبو داود و النسائي و الترمذي وقال : هذا حديث غريب فإن لم يمكن اللحد شق له في الأرض ومعنى الشق أن يحفر في أرض القبر شقا يضع الميت فيه ويسقفه عليه بشيء ويضع الميت في اللحد على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه ويضع تحت رأسه لبنة أو حجرا أو شيئا مرتفعا كما يصنع الحي وقد روي عن عمر Bه قال : إذا جعلتموني في اللحد فأفضوا بخدي إلى الأرض ويدني من الحائط لئلا ينكب على وجهه ويسند من ورائه بتراب لئلا ينقلب قال أحمد C : ما أحب أن يجعل في القبر مضربة ولا مخدة وقد جعل في قبر النبي A قطيفة حمراء فإن جعلوا قطيفة فلعلة فإذا فرغوا نصبوا عليه اللبن نصبا ويسد خلله بالطين لئلا يصل إليه التراب وإن جعل مكان اللبن قصبا فحسن لأن الشعبي قال : جعل على لحد النبي A طن قصب إني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك : قال الخلال : كان أبو عبد الله يميل إلى اللبن ويختاره على القصب ثم ترك ذلك ومال إلى استحباب القصب على اللبن وأما الخشب فكرهه على كل حال ورخص فيه عند الضرورة إذا لم يوجد غيره وأكثر الروايات عن أبي عبد الله استحباب اللبن وتقديمه على القصب لقول سعد : انصبوا علي البن نصبا كما صنع برسول الله A وقول سعد أولى من قول الشعبي فإن الشعبي لم ير ولم يحضر وأيهما فعله كان حسنا قال حنبل : قلت لـ أبي عبد الله : فإن لم يكن لبن ؟ قال : ينصب عليه القصب والحشيش وما أمكن من ذلك ثم يهال عليه التراب