مسائل وفصول : تكفين المرأة وكيفيته .
مسألة : قال : والمرأة تكفن في خمسة أثواب قميص ومئزر ولفافة ومقنعة وخامسة تشد بها فخذاها .
قال ابن المنذر : أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب وإنما استحب ذلك لأن المرأة تزيد في حال حياتها على الرجل في الستر لزيادة عورتها على عورته فكذلك بعد الموت ولما كانت تلبس المخيط في إحرامها وهو أكمل أحوال الحياة استحب إلباسها إياه بعد موتها والرجل بخلاف ذلك فافترقا في اللبس بعد الموت لافتراقهما فيه في الحياة واستويا في الغسل بعد الموت لاستوائهما فيه في الحياة وقد روى أبو داود بإسناده [ عن ليلى بنت قانف الثقفية قالت : كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله A عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله A الحقو ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر قالت : ورسول الله A عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا ] إلا أن الخرقي إنما ذكر لفافة واحدة فعلى هذا تشد الخرقة على فخذيها أولا ثم تؤزر بالمئزر ثم يلبس القميص ثم تخمر بالمقنعة ثم تلبف بلفافة واحدة وقد أشار إليه أحمد فقال : تخمر ويترك قدر ذراع يسدل على وجهها ويسدل على فخذيها الحقو وسئل عن الحقو فقال : هو الإزار قيل : الخامسة قال : خرقة تشد على فخذيها قيل له : قميص المرأة قال : يخيط قيل : يكف ويزر قال : يكف ولا يزر عليها والذي عليه أكثر أصحابنا وغيرهم أن الأثواب الخمسة إزار ودرع وخمار ولفافتان وهو الصحيح لحديث ليلى الذي ذكرناه ولما [ روت أم عطية أن النبي A ناولها إزارا ودرعا وخمارا وثوبين ] .
فصل : قال المروذي : سألت أبا عبد الله في كم تكفن الجارية إذا لم تبلغ ؟ قال : في لفافتين وقميص لا خمار فيه وكفن ابن سيرين بنتا له قد أعصرت في قميص ولفافتين وروى في بقير ولفافتين قال أحمد : البقير القميص الذي ليس له كمان ولأن غير البالغ لا يلزمها ستر رأسها في الصلاة واختلفت الرواية عن أحمد في الحد الذي تصير به في حكم المرأة في الكفن فروي عنه إذا بلغت وهو ظاهر كلامه في رواية المروذي لقول النبي A [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] مفهومه أن غيرها لا تحتاج إلى خمار في صلاتها فكذلك في كفنها ولأن ابن سيرين كفن ابنته وقد أعصرت أي قاربت المحيض بغير خمار وروى عن أحمد أكثر أصحابه إذا كانت بنت تسع يصنع بها ما يصنع بالمرأة واحتج بحديث عائشة [ أن النبي A دخل بها وهي بنت تسع سنين ] وروي عنها أنها قالت : إذا بلغت الجارية تسعا فهي امرأة .
فصل : قال أحمد : لا يعجبني أن تكفن في شيء من الحرير وكره ذلك الحسن و ابن المبارك و إسحاق قال ابن المنذر : ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم وفي جواز تكفين المرأة بالحرير حتما لأن أقيسهما الجواز لأنه من لباسها في حياتها لكنن كرهناه لها لأنها خرجت عن كونها محلا للزينة والشهوة وكذلك يكره تكفينها بالمعصفر ونحوه لذلك قال الأوزاعي : لا يكفن الميت في الثياب المصبغة إلا ما كان م العصب يعني ما صنع بالعصب وهو نبت ينبت باليمن .
مسألة : قال : ويضفر شعرها ثلاثة قرون ويسدل من خلفها .
وجملة ذلك أن شعر الميتة يغسل وإن كان معقوصا نقض ثم غسل ثم ضفر ثلاثة قرون قرنيها وناصبتها ويلقى من خلفها وبهذا قال الشافعي و إسحاق و ابن المنذر وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي : لا يضفر ولكن يرسل مع خديها من بين يديها من الجانبين ثم يرسل عليه الخمار لأن ضفره يحتاج إلى تسريحها فينقطع شعرها وينتف .
ولنا ما روت [ أم عطية قالت : ضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها يعني بنت رسول الله A ] متفق عليه ولـ مسلم [ فضفرنا شعرها ثلاثة قرون قرنيها وناصبتها ] ولـ البخاري [ جعلن رأس بنت رسول الله A ثلاثة قرون نقضنه ثم غسلنه ثم جعلنه ثلاثة قرون وإنما غسلنه بأمر رسول الله A وتعليمه ] .
وفي حديث أم سليم عن النبي A : [ وأضفرن شعرها ثلاثة قرون قصة وقرنين ولا تشبهنها بالرجال ] فأما التسريح فكرهه أحمد وقال : قالت عائشة : علام تنصون ميتكم ؟ قال : يعني لا تسرحوا رأسه بالمشط ولأن ذلك يقطع شعره وينتفه وقد روي عن أم عطية قالت : [ مشطناها ثلاثة قرون ] متفق عليه قال أحمد : إنما ضفرن وأنكر المشط فكأنه تأول قولها مشطناها على أنها أرادت ضفرناها لما ذكرناه والله أعلم