فصول : حكم السفر يوم الجمعة .
فصل : ومن تجب عليه الجمعة لا يجوز له السفر بعد دخول وقتها وبه قال الشافعي و إسحاق و ابن المنذر وقال أبو حنيفة : يجوز وسئل الأوزاعي عن مسافر يسمع أذان الجمعة وقد أسرج دابته فقال ليمض في سفره لأن عمر Bه قال : الجمعة لا تحبس عن سفر .
ولنا ما روى ابن عمر أن رسول الله A قال : [ من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته ] رواه الدارقطني في الإفراد وهذا وعيد لا يلحق بالمباح ولأن الجمعة قد وجبت عليه فلم يجز له الاشتغال بما يمنع منها كاللهو والتجارة وما روي عن عمر فقد روي عن ابنه وعائشة أخبار تدل على كراهية السفر يوم الجمعة فتعارض قوله ثم نحمله على السفر قبل الوقت .
فصل : وإن سافر قبل الوقت فذكر أبو الخطاب فيه ثلاث روايات : إحداها المنع لحديث ابن عمر والثانية الجواز وهو قول الحسن و ابن سيرين وأهل العلم لقول عمر ولأن الجمعة لم تجب فلم يحرم السفر كالليل والثالثة يباح للجهاد دون غيره وهذا الذي ذكره القاضي لما روى ابن عباس [ أن النبي A وجه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في جيش مؤتة فتخلف عبد الله فرآه النبي A فقال : ( ما خلفك ؟ ) قال : الجمعة فقال النبي A : ( لروحة في سبيل الله - أو قال غدوة - خير من الدنيا وما فيها ) قال : فراح منطلقا ] رواه الإمام أحمد في المسند والأولى الجواز مطلقا لأن ذمته بريئة من الجمعة فلم يمنعه إمكان وجوبها عليه كما قبل يومها وذكر أبو الخطاب أن الوقت الذي يمنع السفر ويختلف فيما قبله زوال الشمس ولم يفرق القاضي بين ما قبل الزوال وما بعده ولعله بنى على أن وقتها وقت العيد ووجه قول أبي الخطاب على أن تقديمها رخصة على خلاف الأصل فلم يتعلق به حكم المنع كتقديم الآخرة من المجموعتين إلى وقت الأولى .
فصل : وإن خاف المسافر فوات رفقته جاز له ترك الجمعة لأن ذلك من الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة وسواء كان في بلده فأراد إنشاء السفر أو في غيره