مسألة وفصل : سترة الإمام سترة لمن خلفه وفساد صلاة المأموم بفساد صلاة إمامه .
مسألة : قال : وسترة الإمام سترة لمن خلفه .
وجملته أنه يستحب للمصلي أن يصلي إلى سترة فإن كان في مسجد أو بيت صلى إلى الحائط أو سارية وإن كان في فضاء صلى إلى شيء شاخص بين يديه أو نصب بين يديه حربة أو عصا أو عرض البعير فصلى إليه أو جعل رحله بين يديه وسئل أحمد يصلي الرجل إلى سترة في الحضر والسفر قال : نعم مثل آخرة الرحل ولا نعلم في استحباب ذلك خلافا والأصل فيه أن النبي A كان تركز له الحربة فيصلي إليها ويعرض البعير فيصلي إليه وروى أبو جحيفة [ أن النبي A ركزت له العنزة فتقدم وصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع ] متفق عليه وعن طلحة بن عبد الله قال : قال رسول الله A : [ إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك ] أخرجه مسلم إذا ثبت هذا فإن سترة الإمام سترة لمن خلفه نص على هذا أحمد وهو قول أكثر أهل العلم كذلك قال ابن المنذر : وقال الترمذي : قال أهل العلم : سترة الإمام سترة لمن خلفه قال أبو الزناد : كل من أدركت من فقهاء المدينة الذين ينتهى إلى قولهم سعيد بن المسيب و عروة بن الزبير و القاسم بن محمد و أبو بكر بن عبد الرحمن و خارجة بن زيد و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة و سليمان بن يسار وغيرهم يقولون سترة الإمام سترة لمن خلفه وروي ذلك عن ابن عمر وبه قال النخعي و الأوزاعي و مالك و الشافعي وغيرهم لأن النبي A صلى إلى سترة ولم يأمر أصحابه بنصب سترة أخرى وفي حديث [ عن ابن عباس قال : أقبلت راكبا على حمار أتان والنبي A يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض أهل الصف فنزلت فأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر علي أحد ] متفق عليه ومعنى قولهم سترة الإمام سترة لمن خلفه أنه متى لم يحل بين الإمام وسترته شيء يقطع الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة لا يضرها مرور شيء بين أيديهم في بعض الصف ولا فيما بينهم وبين الإمام وإن مر ما يقطع الصلاة بين الإمام وسترته قطع صلاته وصلاتهم وقد دل على هذا ما [ روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : هبطنا مع النبي A من ثنية إذا خر فحضرت الصلاة يعني إلى جدر فاتخذها قبلة ونحن خلفه فجاءت بهمة تمر بين يديه فما زال يدرؤها حتى لصق بطنه بالجدر فمرت من ورائه ] رواه أبو داود فلولا أن سترته سترة لهم لم يكن بين مرورها بين يديه وخلفه فرق .
فصل : وقدر السترة في طولها ذراع أو نحوه قال الأثرم : سئل أبو عبد الله عن آخرة الرحل كم مقدارها قال : ذراع كذا قال عطاء : ذراع وبهذا قال الثوري وأصحاب الرأي وروي عن أحمد أنها قدر عظم الذراع وهذا قول مالك و الشافعي والظاهر أن هذا على سبيل التقريب لا التحديد لأن النبي A قدرها بآخرة الرحل وآخرة الرحل مختلف في الطول والقصر فتارة تكون ذراعا وتارة تكون أقل منه فما قارب الذراع أجزأ الاستتار به والله أعلم .
فأما قدرها في الغلظ والدقة فلا حد له نعلمه فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة وغليظة كالحائط فإن النبي A قال : [ استتروا في الصلاة ولو بسهم ] رواه الأثرم وقال الأوزاعي : يجزيه السهم والسوط قال أحمد : وما كان أعرض فهو أعجب إلي وذلك لأن قوله ولو بسهم بدل على أن غيره أولى منه