مسألة وفصول : إمامة العبد والأعمى والأخرس والأصم وأقطع اليدين .
مسألة : قال : وإمامة العبد والأعمى جائزة .
هذا قول أكثر أهل العلم وروي عن عائشة Bها أن غلاما لها كان يؤمها وصلى ابن مسعود وحذيفة وأبو ذر وراء سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد وممن أجاز ذلك الحسن و الشعبي و النخعي و الحكم و الثوري و الشافعي و إسحاق وأصحاب الرأي وكره أبو مجلز إمامة العبد وقال مالك : لا يؤمهم إلا أن يكون قارئا وهم أميون .
ولنا قول النبي A : [ يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى ] و [ قال أبو ذر : إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف وأن أصلي الصلاة لوقتها أدركت القوم وقد صلوا كنت أحرزت صلاتك وإلا كانت لك نافلة ] رواه مسلم ولأنه إجماع الصحابة فعلت عائشة ذلك وروي أن أبا سعيد مولى أبي أسيد قال تزوجت وأنا عبد فدعوت نفرا من أصحاب رسول الله A فأجابوني فكان فيهم أبو ذر وابن مسعود وحذيفة فحضرت الصلاة وهم في بيتي فتقدم أبو ذر ليصلي بهم فقالوا له وراءك ؟ فالتفت إلى ابن مسعود فقال : أكذلك يا أبا عبد الرحمن قال : نعم فقدموني وأنا عبد فصليت بهم رواه صالح في مسائله بإسناده وهذه قصة مثلها ينتشر ولم ينكر ولا عرف مخالف لها فكان ذلك إجماعا ولأن الرق حق ثبت عليه فلم يمنع صحة إمامته كالدين ولأنه من أهل الأذان للرجال يأتي بالصلاة على الكمال فكان له أن يؤمهم كالحر وأما الأعمى فلا نعلم في صحة إمامته خلافا إلا ما حكي عن أنس أنه قال : ما حاجتهم إليه وعن ابن عباس أنه قال : كيف أؤمهم وهم يعدلونني إلى القبلة ؟ والصحيح عن ابن عباس أنه كان يؤم وهو أعمى وعتبان بن مالك وقتادة وجابر و [ قال أنس أن النبي A استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى ] رواه أبو داود و [ عن الشعبي أنه قال : غزا النبي A ثلاث عشرة غزوة كل ذلك يقدم ابن أم مكتوم يصلي بالناس ] رواه أبو بكر ولأن العمى فقد حاسة لا يخل بشيء من أفعال الصلاة ولا بشروطها فأشبه فقد الشم إذا ثبت هذا فالحر أولى من العبد لأنه أكمل منه وأشرف ويصلي الجمعة والعيد إماما بخلاف العبد وقال أبو الخطاب : والبصير أولى من الأعمى لأنه يستقبل القبلة بعلمه ويتوقى النجاسات ببصره وقال القاضي : هما سواء لأن الأعمى أخشع لأنه لا يشتغل في الصلاة بالنظر إلا ما يلهيه فيكون ذلك في مقابلة فضله البصير عليه فيتساويان والأول أصح لأن البصير لو أغمض عينه كان مكروها ولو كان ذلك فضيلة لكان مستحبا لأنه يحصل بتغميضه ما يحصله الأعمى ولأن البصير إذا غض بصره مع إمكان النظر كان له الأجر فيه لأنه يترك المكروه مع إمكانه اختيارا والأعمى يتركه اضطرارا فكان أدنى حالا وأقل فضلة .
فصل : ولا تصح إمامة الأخرس بمثله ولا غيره لأنه يترك ركنا وهو القراءة تركا مأيوسا من زواله فلم تصح إمامته كالعاجز عن الركوع والسجود .
فصل : وتصح إمامة الأصم لأنه لا يخل بشيء من أفعال الصلاة ولا شروطها فأشبه الأعمى فإن كان أصم أعمى صحت إمامته لذلك وقال بعض أصحابنا : لا تصح إمامته لأنه إذا سها لا يمكن تنبيهه بتسبيح ولا إشارة والأولى صحتها فإنه لا يمنع من صحة الصلاة احتمال عارض لا يتيقن وجوده كالمجنون حال إفاقته .
فصل : فأما أقطع اليدين فقال أحمد C : لم أسمع فيه شيئا وذكر الآمدي فيه روايتين أحدهما تصح إمامته اختارها القاضي لأنه عجز لا يخل بركن في الصلاة فلم يمنع صحة إمامته كأقطع أحد الرجلين والأنف والثانية لا تصح اختارها أبو بكر لأنه يخل بالسجود على بعض أعضاء السجود أشبه العاجز عن السجود على جبهته وحكم أقطع اليد الواحدة كالحكم في قطعهما جميعا وأما أقطع الرجلين فلا يصح الائتمام به لأنه مأيوس من قيامه فلم تصح إمامته كالزمن وإن كان مقطوع إحدى الرجلين ويمكنه القيام صحت إمامته ويتخرج على قول أبي بكر أن لا تصح إمامته لإخلاله بالسجود على عضو والأول أصح لأنه يسجد على الباقي من رجله أو حائلها