مسألة وفصول : حكم صلاة التراويح .
مسألة : قال : وقيام شهر رمضان عشرون ركعة يعني صلاة التراويح .
وهي سنة مؤكدة وأول من سنها رسول الله A قال أبو هريرة كان رسول الله A يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول : [ من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له من تقدم من ذنبه ] و [ قالت عائشة : صلى النبي A في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة وكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله A فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ] قال وذلك في رمضان رواهما مسلم و [ عن أبي ذر قال : صمنا مع رسول الله A رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت في الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة قال فقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة قال : فلما كان الرابعة لم يقم فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال : قلت وما الفلاح ؟ قال السحور ثم لم يقم بنا بقية الشهر ] رواه أبو داود و الأثرم و ابن ماجة وعن أبي هريرة قال : [ خرج رسول الله A فإذا الناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد فقال : ما هؤلاء ؟ قيل هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يصلي بهم وهو يصلون بصلاته فقال النبي A : أصابوا ونعم ما صنعوا ] رواه أبو داود وقال رواه مسلم بن خالد وهو ضعيف ونسبت التراويح إلى عمر بن الخطاب Bه لأنه جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصليها بهم فروى عبد الرحمن بن عبد القاري قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر : أني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب قال ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال : نعمت البدعة هذه والتي بنامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله أخرجه البخاري .
فصل : والمختار عند أبي عبد الله C فيها عشرون ركعة وبهذا قال الثوري و أبو حنيفة و الشافعي وقال مالك : ستة وثلاثون وزعن أنه الأمر القديم وتعلق بفعل أهل المدينة فإن صالحا مولى التوأمة قال : أدركت الناس يقومون بإحدى وأربعين ركعة يوترون منها بخمس ولنا أن عمر Bه لما جمع الناس على أبي بن كعب كان يصلي لهم عشرين ركعة وقد روى الحسن أن عرم جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني فإذا كانت العشر الأواخر تخلف أبي فصلى في بيته فكانوا يقولون : أبق أبي رواه أبو داود ورواه السائب بن يزيد وروي عنه من طرق وروى مالك عن يزيد بن رومان قال : كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة وعن علي أنه أمر رجلا يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة وهذا كالإجماع فأما ما رواه صالح فإن صالحا ضعيف ثم لا ندري من الناس الذي أخبر عنهم فلعله قد أدرك جماعة من الناس يفعلون ذلك وليس ذلك بحجة ثم لو ثبت أن أهل المدينة كلهم فعلوه لكان ما فعله عمر وأجمع عليه الصحابة في عصره أولى بالإتباع قال بعض أهل العلم : إنما فعل هذا أهل المدينة لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة فإن أهل مكة يطوفون سبعا بين كل ترويحتين فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات وما كان عليه أصحاب رسول الله A أولى وأحق ان يتبع .
فصل : والمختار عند أبي عبد الله فعلها في الجماعة قال في رواية يوسف بن موسى : الجماعة في التراويح أفضل وإن كان رجل يقتدى به فصلاها في بيته خفت أن يقتدي الناس به وقد جاء عن النبي A : [ اقتدوا بالخلفاء ] وقد جاء عن عمر أنه كان يصلي في الجماعة وبهذا قال المزني و ابن عبد الحكم وجماعة من أصحاب أبي حنيفة قال أحمد : كان جابر وعلي وعبد الله يصلونها في جماعة قال الطحاوي : كل من اختار التفرد ينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا ويروى نحو هذا عن الليث بن سعد وقال مالك و الشافعي : قيام رمضان لمن قوي في البيت أحب إلينا لما [ روى زيد بن ثابت قال : احتجر رسول الله A حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول الله A فيها فتتبع إليه رجال وجاؤوا يصلون بصلاته قال : ثم جاؤوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله A عنهم فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج إليهم رسول الله A مغضبا فقال : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ] رواه مسلم .
ولنا إجماع الصحابة على ذلك وجمع النبي A أصحابه وأهله في حديث أبي ذر وقوله [ إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة ] وهذا خاص في قيام رمضان فيقدم على عموم ما احتجوا به وقول النبي A ذلك لهم معلل بخشية فرضه عليهم ولهذا ترك النبي A القيام بهم معللا بذلك أيضا أو خشية أن يتخذه الناس فرضا وقد أمن هذا أن يفعل بعده فإن قيل : فعلي لم يقم مع الصحابة قلنا قد روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا Bه قام بهم في رمضان وعن إسماعيل بن زياد قال : مر على المساجد وفيها القناديل في شهر رمضان فقال : نور الله على عمر قبره كما نور علينا في مساجدنا رواهما الأثرم .
فصل : قال أحمد C يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس ولا يشق عليهم ولا سيما في الليالي والأمر على ما يحتمله الناس وقال القاضي : لا يستحب النقصان عن ختمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن ولا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه والتقدير بحال الناس أولى فإنه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل ويختارونه كان أفضل كما روى أبو ذر قال : قمنا مع النبي A حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح يعني السحور وقد كان السلف يطيلون الصلاة حتى قال بعضهم كانوا إذا انصرفوا يستعجلون خدمهم بالطعام مخافة طلوع الفجر وكان القارئ يقرأ بالمائتين .
فصل : قال أبو داود سمعت أحمد يقول : يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه قال النبي A : [ إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته ] قال وكان أحمد يقوم مع الناس ويوتر معهم قال الأثرم وأخبرني الذي كان يؤمه في شهر رمضان أنه كان يصلي معهم التراويح كلها والوتر قال وينتظرني بعد ذلك حتى أقوم ثم يقوم كأنه يذهب إلى حديث أبي ذر : [ إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته ] قال أبو داود وسئل أحمد عن قوم صلوا في رمضان خمس تراويح لم يتروحوا بينها قال لا بأس قال وسئل عمن أدرك من ترويحه ركعتين يصلي إليهما ركعتين ؟ فلم ير ذلك وقال هي تطوع وقيل ل أحمد نؤخر القيام ؟ يعني في التراويح إلى آخر الليل قال : لا سنة المسلمين أحب إلي