مسألة وفصل : الفصل بين ركعات الوتر وإن أوتر بخمس أو بسبع .
مسألة : قال : مفصولة مما قبلها .
الذي يختاره أبو عبد الله أن يفصل ركعة الوتر بما قبلها وقال أن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم يضيق عليه عندي وقال يعجبني أن يسلم في الركعتين وممن كان يسلم بين الركعتين والركعة ابن عمر حتى يأمر ببعض حاجته وهو مذهب معاذ القارئ و مالك و الشافعي و إسحاق وقال أبو حنيفة لا يفصل بسلام وقال الأوزاعي إن فصل فحسن وإن لم يفصل فحسن وحجة من لم يفصل قول عائشة أن النبي A كان يوتر بأربع وثلاث وست وثلاث وثمان وثلاث وقولها كان يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فظاهر هذا أنه كان يصلي الثلاث بتسليم واحد وروت أيضا أن النبي A كان يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرهن رواه مسلم .
ولنا : ما روت عائشة قالت : كان رسول الله A يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة رواه مسلم وقال النبي A : [ صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ] متفق عليه وقيل لابن عمر ما مثنى مثنى ؟ قال يسلم في كل ركعتين وقال عليه السلام : [ الوتر ركعة من آخر الليل ] رواه مسلم و عن ابن أبي ذئب عن نافع [ عن ابن عمر أن رجلا سأل رسول الله A عن الوتر فقال رسول الله A : أفصل بين الواحدة والثنتين بالتسليم ] رواه الأثرم بإسناده وهذا نص فأما حديث عائشة الذي احتجوا به فليس فيه تصريح بأنها بتسليم واحد وقد قالت في الحديث الآخر يسلم بين كل ركعتين فأما إذا أوتر بخمس فيأتي الكلام فيه إذا ثبت هذا فإنه إذا صلى خلف إمام يصلي الثلاث بتسليم واحد تابعه لئلا يخالف إمامه وبه قال مالك وقد قال أحمد في رواية أبي داود فيمن يوتر فيسلم من الثنتين فيكرهونه يعني أهل المسجد قال : فلو صار إلى ما يريدون - يعني أن ذلك سهل لا تضر موافقته إياهم فيه .
فصل : يجوز أن يوتر بإحدى عشرة ركعة وبتسع وبخمس وبثلاث وبواحدة لما ذكرنا من الأخبار فإن أوتر بأحدى عشرة سلم من كل ركعتين وأن أوتر بثلاث سلم من الثنتين وأتر بواحدة وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن وإن أوتر بسبع جلس عقيب السادسة فتشهد ولم يسلم ثم يجلس بعد السابعة فيتشهد ويسلم وأن أوتر بتسع لم يجلس إلى عقيب الثامنة فيتشهد ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ويسلم ونحو هذا قال إسحاق وقال القاضي في السبع لا يجلس إلا في آخرهن أيضا كالخمس فأما الإحدى عشرة والثلاث فقد ذكرناهما وأما الخمس فقد روي عن زيد بن ثابت أنه كان يوتر بخمس لا ينصرف إلا في آخرها وروى عروة عن عائشة قالت كان رسول الله A يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء منها إلا في آخرها متفق عليه و [ عن ابن عباس عن النبي A قال : ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن ] وفي لفظ [ فتوضأ ثم صلي سبعا أو خمسا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن ] رواه أبو داود وقال صالح مولى التوأمة : أدركت الناس قبل الحرة يقومون بإحدى وأربعين ركعة ويوترون بخمس يسلمون بين كل إثنتين ويوترون بواحدة ويصلون الخمس جميعا رواه الأثرم وأما التسع والسبع فروى زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام قال : قلت لعائشة يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله A فقالت : كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ويصلي سبع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني فلما أسن رسول الله A وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنعه في الأول قال فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها فقال صدقت رواه مسلم و أبو داود وفي حديث أبي داود فقال ابن عباس هذا هو الحديث وفيه أوتر بسبع لم يجلس إلى في السادسة والسابعة ولم يسلم إلا في السابعة وفيه من طريق أخرى ويسلم بتسليمة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه وهذا صريح في أن السبع يجلس فيها عقيب السادسة ولعل القاضي يحتج بحديث ابن عباس صلى سبعا أو خمسا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن وعن أم سلمة قالت : كان رسول الله A يوتر بسبع أو خمس لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام رواه ابن ماجة وكلا الحديثين فيه شك في السبع وليس في واحد منهما أنه لا يجلس عقيب السادسة وحديث عائشة فيه تصريح بذلك وهو ثابت فيتعين تقديمه