مسائل وفصول : ما يجوز من الصلاة في أوقات النهي .
مسألة : قال أبو القاسم : ويقضي الفوائت من الصلوات الفرض .
وجملته أنه يجوز قضاء الفرائض الفائتة في جميع أوقات النهي وغيرها روي نحو ذلك عن علي Bه وغير واحد من الصحابة وبه قال أبو العالية و النخعي و الشعبي و الحكم و حماد و مالك و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق و أبو ثور و ابن المنذر وقال أصحاب الرأي : لا تقضى الفوائت في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر إلا عصر يومه يصليها قبل غروب الشمس لعموم النهي وهو متناول للفرائض وغيرها ولأن النبي A لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس أخرها حتى ابيضت الشمس متفق عليه ولأنها صلاة فلم تجز في هذه الأوقات كالنوافل وقد روي عن أبي بكر Bه أنها نام في دالية فاستيقظ عند غروب الشمس فانتظر حتى غابت الشمس ثم صلى وعن كعب أحسبه ابن عجرة أنه نام حتى طلع قرن الشمس فأجلسه فلما أن تعلت الشمس قال له : صل الآن .
ولنا : قول النبي A : [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ] متفق عليه وفي حديث أبي قتادة [ إنما التفريط في اليقظة على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها ] متفق عليه وخبر النهي مخصوص بالقضاء في الوقتين الآخرين ويعصر يومه فنقيس محل النزاع على المخصوص وقياسهم منقوض بذلك أيضا وحديث أبي قتادة يدل على جواز التأخير لا على تحريم الفعل .
فصل : ولو طلعت الشمس وهو في صلاة الصبح أتمها وقال أصحاب الرأي : تفسد لأنها صارت في وقت النهي .
ولنا : ما روى أبو هريرة عن النبي A : [ إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغيب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته ] متفق عليه وهذا نص في المسألة يقدم على عموم غيره .
فصل : ويجوز فعل الصلاة المنذورة في وقت النهي سواء كان النذر مطلقا أو مؤقتا وقال أبو حنيفة : لا يجوز ويتخرج لنا مثله بناء على صوم الواجب في أيام التشريق .
ولنا : أنها صلاة واجبة فأشبهت الفوائت من الفرائض وصلاة الجنازة وقد وافقنا فيه فيما بعد صلاة العصر وصلاة الصبح .
مسألة : قال : ويركع للطواف .
يعني في أوقات النهي وممن طاف بعد الصبح والعصر وصلى ركعتين ابن عمر وابن الزبير و عطاء و طاوس و فعله ابن عباس والحسن والحسين و مجاهد و القاسم بن محمد وفعله بعد الصبح وهذا مذهب عطاء و الشافعي و أبي ثور وأنكرت طائفة ذلك منهم أبو حنيفة و مالك واحتجوا بعموم أحاديث النهي .
ولنا : ما روى جبير بن مطعم أن رسول الله A قال : [ يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار ] رواه الأثرم و الترمذي وقال حديث صحيح ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولأن ركعتي الطواف تابعة له فإذا أبيح المتبوع ينبغي أن يباح التبع وحديثهم مخصوص بالفوائت وحديثنا لا تخصيص فيه فيكون أولى .
مسألة : قال : ويصلي على الجنازة .
أما الصلاة على الجنازة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تميل للغروب فلا خلاف فيه قال ابن المنذر إجماع المسلمين في الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح وأما الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر فلا يجوز ذكرها القاضي وغيره قال الأثرم سألت أبا عبد الله عن الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس قال : أما حين تطلع فما يعجبني ثم ذكر حديث عقبة بن عامر وقد روي عن جار وابن عمر نحو هذا القول وذكره مالك في الموطأ عن ابن عمر وقال الخطابي هذا قول أكثر أهل العلم وقال أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى أن الصلاة على الجنازة تجوز في جميع أوقات النهي وهذا مذهب الشافعي لأنها صلاة تباح بعد الصبح والعصر فأبيحت في سائر الأوقات كالفرائض .
ولنا : قول عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان رسول الله A ينهانا أن نصلي فيهنوأن نقبر فيهن موتانا وذكره مقرونا بالدفن دليل على إرادة صلاة الجنازة ولأنها صلاة من غير الصلوات الخمس فلم يجز فعلها في هذه الأوقات الثلاثة كالنوافل المطلقة وإنما أبيحت بعد الصبح والعصر لأن مدتهما تطول فالأنتظار يخاف منه عليها وهذه مدتها تقصر وأما الفرائض فلا يقاس عليها لأنها آكد ولا يصح قياس هذه الأوقات الثلاثة على الوقتين الآخرين لأن النهي فيها آكد وزمنها أقصر فلا يخاف على الميت فيها ولأنه نهى عن الدفن فيها والصلاة المقرونة بالدفن تتناول صلاة الجنازة وتمنعها القرينة من الخروج بالتخصيص بخلاف الوقتين الآخرين والله أعلم