مسألتان : ولا فرق من كثير النجاسة وقليلها إلا إذا كان دم أو قيح ولا فرق .
مسألة : قال : وإن صلى وفي ثوبه نجاسة وإن قلت أعاد .
قد ذكرنا أن الطهارة من النجاسة شرط لصحة الصلاة ولا فرق بين كثيرها وقليلها إلا فيما نذكره بعد إن شاء الله تعالى وممن قال لا يعفى عن يسير البول مثل رؤوس الأبر مالك و الشافعي و أبو ثور و قال أبو حنيفة : يعفى عن يسير جميع النجاسات لأنه يتحرى فيها بالمسح في محل الاستنجاء ولو لم يعف عنها لم يكف فيها المسح كالكثير ولأنه يشق التحرز منه فعفي عنه كالدم .
ولنا : عموم قوله تعالى : { وثيابك فطهر } وقول النبي A : [ تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ] ولأنها نجاسة لا تشق إزالتها فوجبت إزالتها كالكثير وأما الدم فإنه يشق التحرز منه فإن الإنسان لا يكاد يخلو من بثرة أو حكة أو دمل ويخرج من أنفه وفيه وغيرهما فيشق التحرز من يسيره أكثر من كثيره ولهذا فرق في الوضوء بين قليله وكثيره .
مسألة : قال : إلا أن يكون ذلك دما أو قيحا يسيرا مما لا يفحش في القلب .
أكثر أهل العلم يرون العفو عن يسير الدم والقيح وممن روي عنه ابن عباس وأبو هريرة وجابر وابن أبي أوفى وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير و طاوس و مجاهد و عروة و محمد بن كنانة و النخعي و قتادة و الأوزاعي و الشافعي في أحد قوليه وأصحاب الرأي وكان ابن عمر ينصرف من قليله وكثيره وقال الحسن : كثيره وقليله سواء ونحوه عن سليمان التيمي لأنه نجاسة فأشبه البول .
ولنا : ما روي عن عائشة قالت : قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها وفي لفظ : ما كان لإحدانا إلا ثوب فيه تحيض فإن أصابه شيء من دمها بلته بريقها ثم قصعته بظفرها رواه أبو داود وهذا يدل على العفو عنه لأن الريق لا يطهر به ويتنجس به ظفرها وهو إخبار عن داوم الفعل ومثل هذا لا يخفى عن النبي A ولا يصدر إلا عن أمره ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم في عصرهم فيكون إجماعا وما حكي عن ابن عمر فقد روي عنه خلافه فروى الأثرم بإسناده عن نافع أن ابن كان يسجد فيخرج يديه فيضعهما بالأرض وهما يقطران دما من شقاق كان في يديه وعصر بثرة فخرج منها شيء من دم وقيح فمسحه بيده وصلى ولم يتوضأ وانصرافه منه في بعض الحالات لا ينافي ما رويناه عنه فقد يتورع الإنسان عن بعض ما يرى جوازه ولأنه يشق التحرز منه فعفي عنه كأثر الاستنجاء