مسألة وفصلان : سجود المأموم للسهو .
مسألة : قال : وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه .
وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلاسجود عليه في قول عامة أهل العلم وحكي عن مكحول أنه قام عن قعود إمامه فسجد ولنا أن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي A فلم يأمره بسجود وروى الدارقطني في سننه عن ابن عمر أن النبي A قال : [ ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه ] ولأن المأموم تابع للإمام وحكمه إذا سها وكذلك إذا لم يسه وإذا سها الإمام فعلى المأموم متابعته في السجود سواء سها معه أو انفرد الإمام بالسهو وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك وذكر إسحاق أنه إجماع أهل العلم سواء كان السجود قبل السلام أو بعده لقول رسول الله A : [ إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فأسجدوا ] ولحديث ابن عمر الذي رويناه وإذا كان المأموم مسبوقا فسها الإمام فيما لم يدركه فيه فعليه متابعته في السجود سواء كان قبل السلام أو بعده روي هذا عن عطاء و الحسن و النخعي و الشعبي و أبي ثور وأصحاب الرأي وقال ابن سيرين و إسحاق يقضي ثم يسجد وقال مالك و الأوزاعي و الليث و الشافعي في السجود قبل السلام كقولنا وبعده كقول ابن سيرين وروي ذلك عن أحمد ذكره أبو بكر في زاد المسافر لأنه فعل خارج من الصلاة فلم يتبع الإمام فيه كصلاة أخرى .
ولنا : قول النبي A : [ فإذا سجد فاسجدوا ] وقوله في حديث ابن عمر [ فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه ] ولأن السجود من تمام الصلاة فيتابعه فيه كالذي قبل السلام وكغير المسبوق وفارق صلاة أخرى فإنه غير مؤتم به فيها إذا ثبت هذا فمتى قضى ففي إعادة السجود روايتان إحداهما يعيده لأنه قد لزمه حكم السهو وما فعله من السجود مع الإمام كان متابعا له فلا يسقط به ما لزمه كالتشهد الأخير والثانية لا يلزمه السجود لأن سجود إمامه قد كملت به الصلاة في حقه وحصل به الجبران فلم يحتج إلى سجود ثان كالمأموم إذا سها وحده ول الشافعي قولان كالروايتين فإن نسي الإمام السجود سجد المسبوق في آخر صلاته رواية واحدة لأنه لم يوجد من الإمام ما يكمل به صلاة المأموم وإذا سها المأموم فيما تفرد فيه بالقضاء سجد رواية واحدة لأنه قد صار منفردا فلم يتحمل عنه الإمام وهكذا لوسها فسلم مع إمامه قام فأتم صلاته ثم سجد بعد السلام كالمنفرد سواء .
فصل : فأما غير المسبوق إذا سها إمامه فلم يسجد المأموم ؟ فيه روايتان إحداهما يسجد وهو قول ابن سيرين و الحكم و حماد و قتادة و مالك و الليث و الشافعي و أبي ثور قال ابن عقيل وهي أصح لأن صلاة المأموم نقصت بسهو الإمام ولم تنجبر بسجوده فيلزم المأموم جبرها والثانية لا يسجد روي ذلك عن عطاء و الحسن و النخعي و القاسم و حماد بن أبي سليمان و الثوري و أصحاب الرأي لأن المأموم إنما يسجد تبعا فإذا لم يسجد الإمام لم يوجد المقتضى لسجود المأموم وهذا إذا تركه الإمام لعذر فإن تركه قبل القيام عمدا وكان الإمام ممن لا يرى أن السجود واجب فهو كتاركه سهوا وإن كان يعتقد وجوبه بطلت صلاته وهل تبطل صلاة المأموم ؟ فيه وجهان أحدهما تبطل لأنه ترك واجبا في الصلاة عمدا فبطلت صلاة المأموم كترك التشهد الأول والثاني لا تبطل لأنه لم يبق من الصلاة إلا السلام .
فصل : إذا قام المأموم لقضاء ما فاته فسجد إمامه بعد السلام فحكمه حكم القائم عن التشهد الأول إن سجد إمامه قبل انتصابه قائما لزمه الرجوع وإن انتصب قائما ولم يشرع في القراءة لم يرجع وإن رجع جاز وإن شرع في القراءة لم يكن له الرجوع نص عليه أحمد قال الأثرم : قيل ل أبي عبد الله رجل أدرك بعض الصلاة فلما قام ليقضي إذا على الإمام سجود سهو فقال : إن كان عمل في قيامه وابتدأ في القراءة مضى ثم سجد قلت فإن لم يستتم قائما قال : يرجع ما لم يعمل قيل له قد استتم قائما فقال : إذا استتم قائما وأخذ في عمل القضاء سجد بعد ما يقضي وذلك لأنه قام عن واجب إلى ركن أشبه القيام عن التشهد الأول وذكر ابن عقيل أن فيه روايات ثلاث وهذا أولى وهو منصوص عليه بما قد رويناه