فصلان : استجابة الإمام لتنبيه المأمومين ومتابعتهم .
فصل : إذا سبح به اثنان يثق بقولهما لزمه قبوله والرجوع إليه سواء غلب على ظنه صوابهما أو خلافه وقال الشافعي إن غلب ظنه خطأهما لم يعمل بقولهما لأن من شك في فعل نفسه لم يعمل بقول غيره كالحاكم إذا نسي حكما حكم به فشهده به شاهدان وهو لا يذكره ز .
ولنا : أن النبي A رجع إلى قوله أبي بكر وعمر Bهما في حديث ذي اليدين لما سالهما : [ أحق ما يقول ذو اليدين ؟ ] فقالا نعم مع أنه كان شاكا بدليل أنه أنكر ما قاله ذو اليدين وسألهما عن صحة قوله وهذا دليل على شكه ولأن النبي A أمرهم بالتسبيح ليذكروا الإمام ويعمل بقولهم وروى ابن مسعود أن النبي A صلى فزاد ونقص إلى قوله : إنما أنا بشر أنسى فإذا نسيت فذكروني يعني بالتسبيح كما روي عنه في الحديث الآخر وكذا نقول في الحاكم أنه يرجع إلى قول الشاهدين وإن كان الإمام على يقين من صوابه وخطأ المأمومين لم يجز له متابعتهم وقال أبو الخطاب يلزمه الرجوع إلى قولهم كالحاكم يحكم بالشاهدين ويترك يقين نفسه وليس بصحيح فإنه يعلم خطأهم فلا يتبهم في الخطأ وكذا نقول في الشاهدين متى علم الحاكم كذبهما لم يجز له الحكم بقولهما لأنه يعلم أنهما شاهدا زور فلا يحل له الحكم بقول الزور وإنما اعتبرت العدالة في الشهادة ليغلب على الظن صدق الشهود وردت شهادة غيرهم لأنه لا يعلم صدقهم فمع يقين العلم بالكذب أولى أن لا يقبل وإذا ثبت هذا فإنه إذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمهم الرجوع بطلت صلاته نص عليه أحمد وليس للمأمومين اتباعه فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين به فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب عمدا وقال القاضي في هذا ثلاث روايات إحداهما أنه لا يجوز لهم متابعته ولا يلزمهم انتظاره إن كان نسيانه في زيادة يأتي بها وإن فارقوه وسلموا صحت صلاتهم وهذا اختيار الخلال والثانية يتابعونه في القيام اسحسانا والثالثة لا يتابعونه ولا يسلمون قبله لكن ينتظرونه ليسلم بهم وهو اختيار ابن حامد والأول أولى لأن الإمام مخطئ في ترك متابعتهم فلا يجوز إتباعه على الخطأ الحال الثاني أن تابعوه جهلا بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحة لأن أصحبا النبي A تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين وفي الخامسة في حديث ابن مسعود فلم تبطل صلاتهم وروى الأثرم بإسناده عن الزبير أنه صلى صلاة العصر فلما سلم قال له رجل من القوم : يا أبا عبد الله إنك صليت ركعات ثلاثا قال : أكذاك قالوا نعم فرجع فصلى ركعة ثم سجد سجدتين : وعن إبراهيم قال : صلى بنا علقمة الظهر خمسا فلما سلم قال القوم : يا أبا شبل قد صليت خمسا قال : كلا ما فعلت قالوا : بلى قال وكنت في ناحية القوم وأنا غلام فقلت بلى قد صليت خمسا قال لي يا أعور وأنت تقول ذلك أيضا قلت نعم فسجد سجدتين فلم يأمروا من وراءهم بالإعادة فإن سجوده قبل السلام لما فعله من الزيادة في الصلاة سهوا قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل جلس في الركعة الأولى من الفجر فسبحوا به فقام متى يسجد للسهو ؟ فقال قبل السلام .
فصل : فإن سبح بالإمام واحد لم يرجع إلى قوله إلا أن يغلب على ظنه صدقه فيعمل بغالب ظنه لا يستبيحه لأن النبي A لم يقبل قول ذي اليدين وحده فإن سبح فساق لم يرجع إلى قولهم لأن قولهم غير مقبول في أحكام الشرع وإن افترق المأمومون طائفتين وافقه قوم وخالفه آخرون سقط قولهم لتعارضهم كالبينتين إذا تعارضتا ومتى لم يرجع وكان المأموم على يقين من خطأ الإمام لم يتابعه في أفعال الصلاة وليس هذا منها وينبغي أن ينتظره ههنا لأن صلاة الإمام صحيحة لم تفسد بزيادة فينتظره كما ينتظر الإمام المأمومين في صلاة الخوف