مسائل وفصول : صفة سجود التلاوة .
مسألة : قال : ويكبر إذا سجد .
وجملة ذلك أنه إذا سجد للتلاوة فعليه التكبير للسجود والرفع منه سواء كان في صلاة أو في غيرها وبه قال ابن سيرين و الحسن و أبو قلابة و النخعي و مسلم بن يسار و أبو عبد الرحمن السلمي و الشافعي و إسحاق وأصحاب الرأي وقال مالك : إذا كان في صلاة واختلف عنه إذا كان في غير صلاة .
ولنا : ما روى ابن عمر قال : كان رسول الله A يقرأ عليا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه قال عبد الرزاق : كان الثوري يعجبه هذا الحديث قال أبو داود : يعجبه لأنه كبر ولأنه سجود منفرد فشرع له التكبير في ابتدائه والرفع منه كسجود السهو بعد السلام وقد صح عن النبي A أنه كبر فيه للسجود والرفع ولم يذكر الخرقي التكبير للرفع وقد ذكره غيره من أصحابنا وهو القياس كما ذكرنا ولا يشرع في ابتداء السجود أكثر من تكبيرة قال يكبر للإفتتاح واحدة وللسجود أخرى .
فصل : ويرفع يديه مع تكبيرة السجود إن سجد غير صلاة وهو قول الشافعي لأنها تكبيرة إفتتاح وإن كان السجود في الصلاة فنص أحمد أنه رفع يديه لأنه يسن له الرفع لو كان منفردا فكذلك مع غيره قال القاضي : وقياس المذهب لا يرفع لأن محل الرفع في ثلاثة مواضع ليس هذا منها ولأن في حديث ابن عمر أن النبي A كان لا يفعل في السجود يعني رفع يديه وهو حديث متفق عليه واحتج أحمد بما روى وائل بن حجر قال : قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله A فكان يكبر إذا خفض ويرفع يديه في التكبير قال أحمد : هذا يدخل في هذا كله وهو قول مسلم بن يسار و محمد بن سيرين .
فصل : ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة قال أحمد : أما فأقول سبحان ربي الأعلى وقد روت عائشة Bه [ أن النبي A كان يقول في سجود القرآن بالليل : سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته ] قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وروى الترمذي و ابن ماجة [ عن ابن عباس Bهما قال : جاء رجل إلى النبي A فقال : يا رسول الله إني رأيتني الليلة أصلي خلف شجرة فقرأت السجدة فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود فقر النبي A سجدة ثم سجد فقال ابن عباس : فسمعته يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة ] قال الترمذي : وهذا حديث غريب ومهما قال ذلك فحسن .
مسألة : قال : ويسلم إذا رفع .
اختلفت الرواية عن أحمد في التسليم في سجوده التلاوة فرأى أنه واجب وبه قال أبو قلابة و أبو عبد الرحمن وروي أنه غير واجب وقال ابن المنذر : قال أحمد أما التسليم فلا أدري ما هو قال النخعي و الحسن و سعيد بن جبير و يحيى بن وثاب ليس فيه تسليم وروي ذلك عن أبي حنيفة واختلف قول الشافعي فيه ووجه الرواية التي أختارها الخرقي قول النبي A : [ تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ] ولأنها صلاة ذات أحرام فافتقرت إلى سلام كسائر الصلوات ولا تفتقر إلى تشهد نص عليه أحمد في رواية الأثرم لأنه لم ينقل ولأنه لا ركوع فيه فلم يكن له تشهد كصلاة الجنازة ويجزئه تسليمة واحدة نص نص عليه أحمد في رواية حرب و عبد الله قال : يسلم تسليمة واحدة قال القاضي : يجزئه رواية واحدة قال إسحاق : يسلم عن يمينه فقط السلام عليكم وقال في المجرد عن أبي بكر أن فيه رواية أخرى لا يجزئه إلا اثنان .
مسألة : قال : ولا يسجد في الأوقات التي لا يجوز أن يصلي فيها تطوعا .
قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عمن قرأ سجود القرآن بعد الفجر وبعد العصر أيسجد ؟ قال : لا وبهذا قال أبو ثور : وروي عن ابن عمر وسعيد بن المسيب وإسحاق وكره مالك قراءة السجدة وقت النهي وعن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وبه قال الشافعي : وروي ذلك عن الحسن و الشعبي سالم و القاسم و عطاء و عكرمة ورخص فيه أصحاب الرأي قبل تغير الشمس .
ولنا : عموم قوله عليه السلام : [ لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس ] وروى أبو داود عن أبي تيمة الهجيمي قال : كنت أقص بعد صلاة الصبح فأسجد فنهاني ابن عمر فلم أنته ثلاث مرات ثم عاد فقال : أني صليت خلف النبي A ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم يسجدوا حتى تطلع الشمس وروى الأثرم عن عبد الله بن مقسم أن قاصا كان يقرأ السجدة بعد العصر فيسجد فنهاه ابن عمر وقال أنهم لا يعقلون