مسألة وفصول : مواضع سجود التلاوة من القرآن .
مسألة : قال : وسجود القرآن أربع عشرة سجدة .
المشهور في المذهب أن عزائم سجود القرآن أربع عشرة سجدة وهو قول أبي حنيفة في إحدى الروايتين و الشافعي في أحد القولين وممن روي عنه أن في المفصل ثلاث سجدات أبو بكر وعلي وابن مسعود وعمار وأبو هريرة وابن عمر و عمر بن عبد العزيز وجماعة من التابعين وبه قال الثوري و الشافعي و أبو حنيفة و إسحاق وعن أحمد C رواية أخرى أنها خمس عشرة سجدة منها سجدة ( ص ) وروي ذلك عن عقبة بن عامر وهو قول إسحاق لما روى ابن ماجة و أبو داود عن عمرو بن العاص أن رسول الله A أقرأه خمس عشرة سجدة منها ثلاث في المفصل وفي سورة الحج سجدتان وقال مالك في رواية الشافعي في قول عزائم السجود إحدى عشرة قال ابن عبد البر هذا قول ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وابن جبير والحسن وعكرمة و مجاهد و عطاء و طاوس و مالك وطائفة من أهل المدينة لأن أبا الدرداء قال قد سجدت مع النبي A إحدى عشرة ليس فيها من المفصل شيء رواه ابن ماجة وروى ابن عباس أن النبي A لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة رواه أبو داود .
ولنا : ما روى أبو رافع قال صليت خلف أبي هريرة العتمة فقرأ : { إذا السماء انشقت } فسجد فقلت ما هذه السجدة ؟ قال سجدت بها خلف أبي القاسم A فلا أزال أسجد فيها حتى القاه رواه البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة و الأثرم وروى مسلم و أبو داود و ابن ماجة عن أبي هريرة قال سجدنا مع رسول الله A في : { إذا السماء انشقت } و { اقرأ باسم ربك } وروى عبد الله بن مسعود أن النبي A قرأ سورة النجم فسجد بها وما بقي أحد من القوم إلا سجد رواه البخاري و مسلم و أبو داود وأبو هريرة إنما أسلم بالمدينة وهو أولى من حديث ابن عباس لأنه إثبات ثم أن ترك السجود يدل على أنه ليس بواجب والسجود يدل على أنه مسنون ولا تعارض بينهما وحديث أبي الدرداء قال أبو داود إسناده واه ثم لا دلالة فيه إذ يجوز أن يكون سجود غير المفصل إحدى عشرة فيكون مع سجدات المفصل أربع عشرة .
فصل : فعلى الرواية الأولى ليست A من عزائم السجود وهو قول علقمة و الشافعي و روى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود والرواية الثانية هي من العزائم وهو قول الحسن و مالك و الثوري و إسحاق وأصحاب الرأي لحديث عمرو بن العاص وروي عن عمر وابنه وعثمان أنهم كانوا يسجدون فيها وروى أبو داود بإسناده عن ابن عباس أن النبي A سجد فيها وحديث أبي الدرداء يدل على أنه سجد فيها .
ولنا : ما روى أبو داود [ عن أبي سعيد قال : قرأ رسول الله A وهو على المنبر A فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزى الناس للسجود فقال رسول الله A : إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزيتم للسجود فنزل وسجد وسجدوا ] وروى النسائي عن ابن عباس [ أن النبي A سجد في ( ص ) وقال : سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا ] وروى أبو داود عن ابن عباس قال : ليس ( ص ) من عزائم السجود والحديث الذي ذكرناه للرواية الأخرى يدل على أن النبي A سجد فيها فيكون سجوده للشكر كما بينه في حديث ابن عباس .
مسألة : قال : في الحج منها سجدتان .
وبهذا قال الشافعي و إسحاق و أبو ثور و ابن المنذر و ممن كان يسجد في الحج سجدتين عمر وعلي وعبد الله بن عمر وأبو الدرداء و أبو موسى و أبو عبد الرحمن السلمي وأبو العالية وزر وقال ابن عباس : فضلت سورة الحج بسجدتين وقال الحسن و سعيد بن جبير و جابر بن زيد و النخعي و مالك و أبو حنيفة ليست الأخيرة سجدة لأنه جمع فيها بين الركوع والسجود فقال : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } فلم تكن سجدة كقوله : { يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين } .
ولنا : حديث عمرو بن العاص الذي ذكرناه وروى أبو داود و الأثرم [ عن عقبة بن عامر قال : قلت لرسول الله A في الحج سجدتان ؟ قال : نعم من لم يسجدها فلا يقرأهما ] وأيضا فإنه قوله من سمينا من الصحابة لم نعرف لهم مخالفا في عصرهم فيكون إجماعا وقد قال أبو إسحاق أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين وقال ابن عمر لو كنت إحداهما تركت الأولى وذلك لأن الأولى إخبار والثانية أمر وإتباع الأمر أولى وذكر الركوع لا يقتضي ترك السجود كما ذكر البكاء في قوله : { خروا سجدا وبكيا } وقوله : { ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } .
فصل : وموضع السجود آخر الأعراف { وله يسجدون } وفي الرعد { وظلالهم بالغدو والآصال } وفي النحل { ويفعلون ما يؤمرون } وفي بني إسرائيل { ويزيدهم خشوعا } وفي مريم { خروا سجدا وبكيا } وفي الحج { إن الله يفعل ما يشاء } وقوله : { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } وفي الفرقان { ويزيدهم خشوعا } وفي النمل { رب العرش العظيم } وفي { الم * تنزيل } { وهم لا يستكبرون } وفي حم السجدة { وهم لا يسأمون } وآخر النجم { فاسجدوا لله واعبدوا } وفي الإنشقاق { وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } وآخر { اقرأ باسم ربك } وقال مالك : السجود في حم عند { إن كنتم إياه تعبدون } لأن الأمر بالسجود هناك فيها .
ولنا : أن تمام الكلام في الثانية فكان السجود بعدها كما في سورة النحل عند قوله : { ويفعلون ما يؤمرون } وذكر السجود في التي قبلها كذا ههنا