مسألة وفصول : ستر المنكبين في الصلاة .
فصل : فإن انكشفت عورته عن غير عمد فسترها في الحال من غير تطاول الزمان لم تبطل لأنه يسير من الزمان أشبه اليسير في القدر وقال التميمي إن بدت عورته وقتا واستترت وقتا فلا إعادة عليه لحديث عمر بن سلمة ولم يشترط اليسير ولا بد من اشتراطه لأن الكثير بفحش إنكشاف العورة فيه ويمكن التحرز منه فلم يعف عنه كالكثير من القدر .
مسألة : قال : إذا كان على عاتقه شيء من اللباس .
وجملة ذلك أنه يجب أن يضع المصلي على عاتقه شيئا من اللباس إن كان قادرا على ذلك وهو قول ابن المنذر وحكي عن أبي جعفر أن الصلاة لا تجزئ من لم يخمر منكبيه وقال أكثر الفقهاء لا يجب ذلك ولا يشترط لصحة الصلاة وبه قال مالك و الشافعي وأصاحب الرأي لأنهما ليسا بعورة فأشبها بقية البدن .
ولنا ما روى أبو هريرة عن النبي A أنه قال : [ لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ] رواه البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة وغيرهم وهذا نهي يقتضي التحريم ويقدم على القياس وروى أبو دواد عن بريدة قال : نهى رسول الله A أن يصلي في لحاف ولا يتوشح به ويشترط ذلك لصحة الصلاة في ظاهر المذهب قال القاضي وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه ليس بشرط وأخذه من رواية مثنى عن أحمد فيمن صلى وعليه سراويل وثوبه على إحدى عاتقية والأخرى مكشوفة : يكره قيل له يؤمر أن يعيد ؟ فلم ير عليه إعادة وهذا يحتمل أنه لم ير عليه الإعادة لستره بعض المنكبين فاحتزئ بستر إحدى العاتقين عن ستر الآخر لإمتثاله للفظ الخبر - ووجه اشتراط ذلك أنه منهي عن الصلاة مع كشف المنكبين والنهي يقتضي فساد المنهي عنه ولأنها سترة واجبة في الصلاة فالإخلال بها يفسدها كسترة العورة .
فصل : ولا يجب ستر المنكبين جميعهما بل يجزئ ستر بعضهما ويجزئ سترهما بثوب خفيف يصف لون البشرة لأن وجوب سترهما بالحديث ولفظه [ لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ] وهذا يقع على ما يعم المنكبين وما لا يعمهما وقد ذكرنا نص أحمد فيمن إحدى منكبيه مكشوفة فلم يوجب عليه الإعادة فإن طرح على كتفه حبلا أو نحوه فظاهر كلام الخرقي أنه لا يجزئه لقوله شيئا من اللباس وهذا لا يسمى لباسا وهو قول القاضي وقال بعض أصحابنا يجزئه لأن هذا شيئ فيكون الحديث متناولا له وقد روي عن جابر أنه صلى في ثوب واحد متوشحا به كأني أنظر إليه كان على عاتقه ذنب فأرة وعنه قال : كان أصحاب رسول الله A إذا لم يجد أحدهم ثوبا ألقى على عاتقه عقالا وصلى والصحيح أنه لا يجزئه لأن النبي A قال : [ إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه على عاتقه ] من الصحاح ورواه أبو داود لأن الأمر بوضعه على العاتقين للستر ولا يحصل ذلك بوضع خيط ولا يسمى سترة وما روي عن جابر لا يعلم صحته وما روي عن الصحابة إن صح عنهم فلعدم ما سواه والله أعلم .
فصل : ولم يفرق الخرقي بين الفرض والنفل لأن الحديث عام في كل مصل ولأن ما اشترط للفرض اشترط للنفل كالطهارة ونص أحمد أنه يجزئه في التطوع فإنه قال في رواية حنبل يجزئه أن يأتزر بالثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء في التطوع لأن النافلة مبناها على التخفيف ولذلك يسامح فيها بهذا المقدار واستدل أبو بكر على ذلك بقول النبي A : [ إذا كان الثوب ضيقا فاشدده على حقوك ] قال هذا في التطوع وحديث أبي هريرة في الفرض