مسألة وفصل : التشهد والروايات فيه .
مسألة : قال : ويتشهد فيقول : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وهو التشهد الذي علمه النبي A لعبد الله بن مسعود Bه .
هذا التشهد هو المختار عند إمامنا وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي A ومن بعدهم من التابعين قاله الترمذي وبه يقول الثوري و إسحاق و أبو ثور وأصحاب الرأي وكثير من أهل المشرق وقال مالك : أفضل التشهد تشهد عمر بن الخطاب Bه التحيات لله الزاكيات لله الصلوات لله وسائره كتشهد ابن مسعود لأن عمر قاله على المنبر بمحضر من الصحابة وغيرهم فلم ينكروه فكان إجماعا وقال الشافعي : أفضل التشهد ما [ روى ابن عباس قال : كان رسول الله A يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فيقول قولوا : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ] أخرجه مسلم و الترمذي وقال حديث حسن صحيح إلا أن في رواية مسلم : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
ولنا : ما [ روى عبد الله بن مسعود قال : علمني رسول الله A التشهد - كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن : التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ] وفي لفظ [ إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله - وفيه - فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد الله صالح في السماء وفي الأرض ] وفيه [ فليتخير من المسألة ما شاء ] متفق عليه قال الترمذي حديث ابن مسعود قد روي من غير وجه وهو أصح حديث روي عن النبي A في التشهد وقد رواه عن النبي A معه ابن عمر وجابر وأبو موسى وعائشة وعليه أكثر أهل العلم فتعين الأخذ به وتقديمه فأما حديث عمر فلم يروه عن النبي A إنما هو من قوله وأكثر أهل العلم على خلافه فكيف يكون إجماعا ؟ على أنه ليس الخلاف في أجزائه في الصلاة إنما الخلاف في الأولى والأحسن والأحسن تشهد النبي A الذي علمه أصحابه وأخذوا به وأما حديث ابن عباس فانفرد به واختلف عنه في بعض ألفاظه ففي رواية مسلم أنه قال وأشهد أن محمدا عبده ورسوله كرواية ابن مسعود ثم رواية ابن مسعود إسنادا وأكثر وقد اتفق على روايته جماعة من الصحابة فيكون أولى ثم هو متضمن للزيادة وفيه العطف بواو العطف وهو أشهر في كلام العرب وفيه السلام بالألف واللام وهما الاستغراق وقال عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال حدثنا عبد الله بن مسعود أن النبي A علمه التشهد في الصلاة قال وكنا نتحفظه عن عبد الله كما نتحفظ حروف القرآن الواو والألف وهذا يدل على ضبطه فكان أولى .
فصل : وبأي تشهد تشهد مما صح عن النبي A جاز نص عليه أحمد فقال : تشهد عبد الله أعجب إلي وإن تشهد بغيره فهو جائز لأن النبي A لما علمه الصحابة مختلفا دل على جواز الجميع كالقراءات المختلفة التي اشتمل عليها المصحف قال القاضي : وهذا يدل على أنه إذا أسقط لفظة هي ساقطة في بعض التشهدات المروية صح تشهده فعلى هذا يجوز أن يقال أقل ما يجزئ من التشهد : التحيات لله السلام عليه أيها النبي ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أو أن محمدا رسول الله وقد قال أحمد : في رواية أبي دواد إذا قال وأن محمدا عبده ورسوله ولم يذكر أشهد أرجو أن يجزئه وقال ابن حامد : رأيت بعض أصحابنا يقول : لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة لقول الأسود فكنا نتحفظه عن عبد الله كما نتحفظ حروف القرآن والأول أصح لما ذكرنا وقال الأسود يدل على أن الأولى والأحسن الإتيان بلفظه وحروفه وهو الذي ذكرنا أنه المختار وعلى أن عبد الله كان يرخص في إبدال لفظات من القرآن فالتشهد أولى فقد عنه أن إنسانا كان يقرأ عليه : { إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم } فيقول طعام اليتيم فقال له عبد الله : قل طعام الفاجر فأما ما اجتمعت عليه التشهدات كلها فيتعين الإتيان به وهذا مذهب الشافعي