فصل : عدد الغسلات في تطهير النجاسة .
القسم الثاني : نجاسة غير الكلب والخنزير ففيها ورايتان إحداهما يجب العدد فيها قياسا على نجاسة الولوغ وروى ابن عمر أنه قال : أمرنا بغسل الأنجاس سبعا فينصرف إلى أمر النبي A والثانية لا يجب العدد بل يجزئ فيها المكاثرة بالماء من غير عدد بحيث تزول عين النجاسة وهذا قول الشافعي لما روي عن ابن عمر قال : [ كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرات والغسل من البول سبع مرات فلم يزل النبي A يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا والغسل من البول مرة والغسل من الجنابة مرة ] رواه الإمام أحمد في مسنده و أبو داود في سننه وهذا نصل إلا أن في مراجعة أيوب بن جابر وهو ضعيف وقال النبي A : [ إذا أصاب احداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه ] رواه البخاري ولم يأمر فيه بعدد وفي حديث آخر أن امرأة ركبت ردف النبي A على ناقته فلما نزلت إذا على حقيبته شيء من دمها فأمرها النبي A أن تجعل في الماء ملحا ثم تغسل به الدم رواه أبو داود ولم يأمرها بعدد وأمر النبي A بأن يصب على بول الأعرابي سجل من ماء متفق عليه ولم يأمر بالعدد [ ولأنها نجاسة غير الكلب فلم يجب فيها العدد ] وروي أن العدد لا يعتبر في غير محل الاستنجاء من البدن ويعتبر في محل الاستنجاء كبقية المحال قال الخلال : هذه الرواية وهو ولم يثبتها فإذا قلنا : بوجوب العدد ففي قدره روايتان : إحداهما سبع لما قدمنا والثانية ثلاث لأن النبي A قال : [ إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ] متفق عليه إلا قوله ثلاثا انفرد به مسلم - أمر بغسلها ثلاثا ليرتفع وهو النجاسة ولا يرفع وهو النجاسة إلا ما يرفع حقيقتها وقد روي أن النجاسة في محل الاستنجاء تطهر بثلاث وفي غيره تطهر بسبع لأن محل الاستنجاء تتكرر فيه النجاسة فاقتضى ذلك التخفيف وقد اجتزئ فيها بثلاثة أحجار مع أن الماء أبلغ في الإزالة فأولى أن يجتزئ فيها بثلاث غسلات قال القاضي : الظاهر من قول أحمد ما اختار الخرقي وهو وجوب العدد في جميع النجاسات فان قلنا : لا يجب العدد لم يجب التراب وكذلك ان قلنا : لا يجب الغسل سبعا لأن الأصل عدم وجوبه ولم يرد الشرع به إلا في نجاسة الولوغ وإن قلنا : بوجوب السبع ففي وجوب التراب وجهان أحدهما يجب قياسا على الولوغ والثاني لا يجب لأن النبي A أمر بالغسل للدم وغيره ولم يأمر بالتراب إلا في نجاسة الولوغ فوجب أن يقتصر عليه ولأن التراب أن أمر به تعبدا وجب قصره على محله وأن أمر به لمعنى في الولوغ للزوجة فيه لاتنقلع إلا بالتراب فلا يوجد ذلك في غيره والمستحب أن يجعل التراب في الغسلة الأولى لموافقته لفظ الخبر أو ليأتي الماء عليه بعدده فينظفه ومتى غسل به أجزأه لأنه روى في حديث إحداهن بالتراب وفي حديث أولاهن وفي حديث في الثامنة فيدل على أن محل التراب من الغسلات غير مقصود .
فصل : إذا أصاب المحل نجاسات متساوية في الحكم فهي كنجاسة واحدة وان كان بعضها أغلظ كالولوغ مع غيره فالحكم لأغلظها ويدخل فيه ما دونه ولو غسل الإناء دون السبع ثم ولغ فيه مرة أخرى فغسله سبعا أجزأه لأنه إذا أجزأ عما يمثل فعما دونه أولى