فصل : لا تجزىء قراءة الفاتحة بغير العربية .
فصل : ولا تجزئه القراءة بغير العربية ولا إبدال لفظها بلفظ عربي سواء أحسن قراءتها بالعربية أول لم يحسن وبه قال الشافعي و أبو يوسف و محمد وقال أبو حنيفة : يجوز ذلك وقال بعض أصحابه إنما يجوز لمن لم يحسن العربية واحتج بقوله تعالى : { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } ولا ينذر كل قوم إلا بلسانهم .
ولنا : قول الله تعالى : { قرآنا عربيا } وقوله تعالى : { بلسان عربي مبين } ولأن القرآن معجزة لفظه ومعناه فإذا غير خرج عن نظمه فلم يكن قرآنا ولا مثله وإنما يكون تفسيرا له ولو كان تفسيره مثله لما عجزوا عنه لما تحداهم بالاتيان بسورة مثله أما الانذار فانه إذا فسره لهم كان الانذار بالمفسر دون التفسير .
فصل : فأن لم يحسن القراءة بالعربية لزمه التعلم فان لم يفعل مع القدرة عليه لم تصح صلاته فان لم يقدر أو خشي فوات الوقت وعرف من الفاتحة آية كررها سبعا قال القاضي : لا يجزئه غير ذلك لأن الآية منها أقرب إليها من غيرها وكذلك إن أحسن منها أكثر من ذلك كرره بقدره ويحتمل أن يأتي ببقية الآي من غيرها لأن هذه الآية يسقط فرضها بقراءتها فيعدل عن تكرارها إلى غيرها كمن وجد بعض الماء فانه يغسل به ويعدل إلى التيمم وذكر القاضي هذا الاحتمال في الجامع ولأصحاب الشافعي وجهان كما ذكرنا فأما أن عرف بعض آية لم يلزمه تكرارها وعدل إلى غيرها لأن النبي A أمر الذي لا يحسن القرآن أن يقول : الحمد لله وغيرها وهي بعض آية لم يأمره بتكرارها وأن لم يحسن شيئا وكان يحفظ غيرها من القرآن قرأ منه بقدرها أن قدر لا يجزئه غيره لما روى أبو داود عن رفاعة بن رافع [ أن النبي A قال : إذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد الله وهلله وكبره ] ولأنه من جنسها فكان أولى ويجب أن يقرأ بعدد آياتها وهل يعتبر أن يكون بعدد حروفها ؟ فيه وجهان أحدهما لا يعتبر لأن الآيات هي المعتبرة بدليل أنه لا يكفي عدد الحروف دونها فأشبه من فاته صوم يوم طويل فلا يعتبر أن يكون القضاء في يوم على قدر ساعات الاداء والثاني يلزمه ذلك لأن الحرف مقصود بدليل تقدير الحسنات به ويخالف الصوم إذ لا يمكن اعتبار المقدار في الساعات إلا بمشقة فأن لم يحسن إلا آية كررها سبعا فان لم يحسن شيئا من القرآن ولا أمكنه التعلم قبل خروج الوقت لزمه أن يقول : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله لما روى أبو دواد قال : [ جاء رجل إلى النبي A فقال : إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني فقال : قل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله قال هذا لله فما لي ؟ قال : تقول : اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني وعافني ] ولا يلزمه الزيادة على الخمس الأول لأن النبي A اقتصر عليها وإنما زاده عليها حين طلب الزيادة وذكر بعض أصحاب الشافعي أنه يزيد على هذه الخمس كلمتين حتى تكون مقام سبع آيات ولا يصح لأن النبي A علمه ذلك جوابا لقوله علمني ما يجزيني والسؤال كالمعتاد في الجواب فكانه قال : يجزئك هذا وتفارق القراءة من غير الفاتحة لأنه بدل من غير الجنس فأشبه التيمم فأن لم يحسن هذه الكلمات كلها قال : ما يحسن منها وينبغي أن يلزمه تكرار ما يحسن منها بقدرها كمن يحسن بعض الفاتحة ويحتمل أن يجزئه التحميد والتهليل والتكبير لـ [ قول النبي A : فان كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد الله وهلله وكبره ] رواه أبو داود