حكم ما لو تبايع المكاتبان ولم يعرف أيهما السابق .
مسألة : قال : وإذا اشترى المكاتبان كل واحد منهما الآخر صح شراء الأول وبطل شراء الآخر .
لا خلاف في أن المكاتب يصح شراؤه للعبيد والمكاتب يجوز بيعه على ما ذكرنا فإذا اشترى أحد المكاتبين الآخر صح شراؤه وملكه لأن التصرف صدر من أهله في محله وسواء كانا مكاتبين لسيد واحد أو لسيدين فإذا عاد الثاني فاشترى الذي اشتراه لم يصح لأنه سيده ومالكه وليس للمملوك أن يملك مالكه لأنه يفضي إلى تناقض الأحكام إذ كل واحد منهما يقول لصاحبه أنا سيدك ولي عليك مال الكتابة تؤديه إلى فإن عجزت فلي فسخ كتابتك وردك إلى أن تكون رقيقا لي وهذا تناقض وإذا تنافى أن تملك المرأة زوجها ملك اليمين لثبوت ملكه عليها في النكاح فههنا أولى ولأنه لو صح هذا لتقاص الدينان إذا تساويا وعتقا جميعا فإذا ثبت هذا فشراء الأول صحيح والمبيع هاهنا باق على كتابته فإن أدى عتق وولاؤه موقوف فإن أدى سيده كتابته كان له لأنه عتق بأدائه إليه فإن عجز فولاؤه لسيده لأن العبد لا يثبت له ولاء ولأن السيد يأخذ ماله فكذلك حقوقه هذا مقتضى قول القاضي ومقتضى قول أبي بكر أن الولاء لسيده لأن المكاتب عبد لا يثبت له الولاء فيثبت لسيده وكذلك فيما إذا عتق بإذن سيده أو كاتب عبده فأدى كتابته وهذا نظيره ويحتمل أن يفرق بينهما لكون العتق ثم بإذن السيد فيحصل الإنعام منه بإذنه فيه وهاهنا لا يفتقر إلى إذنه فلا نعمة له عليه فلا يكون له عليه ولاء ما لم يعجزه سيده والله أعلم .
فصل : وإن لم يعلم السابق منهما فقال أبو بكر : يبطل البيعان ويرد كل واحد منهما إلى كتابته لأن كل واحد منهما مشكوك في صحة بيعه فيرد إلى اليقين وذكر القاضي أنه يجري مجرى ما إذا زوج الوليان فأشكل الأول منهما فيقتضي هذا أن يفسخ البيعان كما يفسخ النكاحان وعلى قول أبي بكر لا حاجة إلى الفسخ لأن النكاح إنما احتيج إلى فسخه من أجل المرأة فإنها منكوحة نكاحا صحيحا لواحد منهما يقينا فلا يزول إلا بفسخ وفي مسألتنا لم يثبت تعين البيع في واحد بعينه فلم يفتقر إلى فسخ