يحلف الرجل فيما عليه على البت .
مسألة : قال : ويحلف الرجل فيما عليه على البت ويحلف الوارث على دين الميت على العلم .
معنى البت القطع أي حلف بالله ماله على شيء وجملة الأمر أن الأيمان كلها على البت والقطع إلا على نفي فعل الغير فإنها على نفي العلم وبهذا قال أبو حنيفة مالك و الشافعي وقال الشعبي و النخعي : كلها على العلم وذكره ابن أبي موسى رواية أحمد حديث الشيباني عن القاسم بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه سلم [ لا تضطروا الناس في إيمانهم أن يحلفوا على ما لا يعلمون ] ولأنه لا يكلف ما لا علم له به وقال ابن أبي ليلى كلها على البت كما يحلف على فعل نفسه .
ولنا حديث ابن عباس [ أن النبي A استحلف رجلا فقال : قل والله الذي لا إله إلا هو ما له عليك حق ] وروى الاشعث بن قيس [ أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت اختصما إلى النبي A في أرض من اليمن فقال الحضرمي : يا رسول الله أن أرضي اغتصبها أبو هذا وهي في يده قال : هل لك بينة ؟ قال لا ولكن أحلفه والله العظيم ما يعلم أنه أرض اغتصبنيها أبوه فتهيأ الكندي لليمين ورواه أبو داود ولم ينكر ذلك النبي A ] وما ذكروه لا يصح لأنه يمكنه الإحاطة بفعل نفسه ولا يمكنه ذلك في فعل غيره فافترقا في اليمن كما افتقرت الشهادة فإنها تكون بالقطع فيما من العقود وعلى الظن فيما لا يمكن فيه القطع من الأملاك والأنساب وعلى النفي العلم فيما لا تمكن الإحاطة بانتفائه كالشهادة على وارث له غير فلان وفلان وحديث القاسم بن عبد الرحمن محمول على اليمين على نفي فعل الغير .
إذا ثبت هذا فإنه يحلف عليه على البت نفيا كان أو إثباتا وأما ما يتعلق بفعل غيره فإن كان إثباتا مثل أن يدعي أنه فرض أو باع ويقيم شاهدا بذلك فإنه يحلف مع شاهده على البت والقطع وإن كان على نفي العلم مثل أن يدعي عليه دين أو غصب أو جناية فإنه يحلف على نفي العلم لا غير وإن حلف عليه على البت كفاه وكان التقدير فيه العلم كما الشاهد إذا شهد بعدد الورثة وقال ليس له وارث غيرهم سمع ذلك وكان التقدير فيه علمه ولو ادعى عليه أن عبده جنى أو استدان فأنكر ذلك فيمينه نفي العلم لأنها يمين على نفي فعل الغير فأشبهت يمين الوارث على نفي الموروث .
فصل : قال ابن أبي موسى : اختلف قول أحمد في من باع سلعة وظهر المشتري على عيب بها وأنكره البائع هل اليمين على البتات أو على علمه ؟ على روايتين ولو أبق عند المشتري فادعى على البائع أنه أبق عنده فأنكر هل يلزمه أن يحلف أنه لم يأبق قط أو على نفي علمه ؟ على روايتين إلا أن يكون ولده فيحلف أنه لم يأبق قط ووجه كون اليمين على علمه أنها على نفي فعل الغي فأشبه ما لو ادعى عليه أن عبده جنى ووجه الأخرى أنه إذا ادعى عليه أنه باعه معيبا يستحق به رده عليه فلزمته اليمين على البت كما لو كان إثباتا