الحقوق ضربان .
فصل والحقوق على ضربين : .
أحدهما : حق لآدمي معين كالحقوق المالية والنكاح وغيره من العقود والعقوبات كالقصاص وحد والقذف والوقف على آدمي فلا تسمع الشهادة فيه إلا بعد الدعوى لأن الشهادة فيه حق لآدمي فلا تستوفي إلا بعد مطالبته وإذنه ولأنها حجة على الدعوى ودليل لها فلا يجوز تقدمها عليها .
الضرب الثاني : ما كان حقا لآدمي غير معين كالوقف على الفقراء والمساكين أو جميع المسلمين أو على مسجد أو سقاية أو مقبرة مسبلة أو الوصية لشيء من ذلك ونحو هذا وأما ما كان حقا الله تعالى كالحدود الخالصة لله تعالى أو الزكاة أو الكفارة فلا تفتقر الشهادة به إلى تقدم الدعوى لأن ذلك ليس له مستحق معين من الآدميين يدعيه ويطالب به ولذلك شهد أبو بكر وأصحابه على المغيرة وشهد الجارود وأبو هريرة على قدامة بن مظغون بشرب الخمر وشهد الذين شهدوا على الوليد بن عقبة بشرب الخمر أيضا من غير تقدم دعوى فأجيزت شهادتهم ولذلك لم يعتبر في ابتداء الوقف قبول من أحد ولا رضا منه وكذلك ما لا يتعلق به حق أحد الغريمين كتحريم الزوجة بالطلاق أو الظهار أو إعتاق الرقيق تجوز الحسبة به ولا تعتبر فيه دعوى ولو شهد شاهدان بعتق عبد أو أمه ابتداء ثبت ذلك سواء صدقهما المشهود يعتقه أو لم يصدقهما وبهذا قال الشافعي وبه قال أبو حنيفة في الأمة وقال في العبد : لا يثبت ما لم يصدق العبد به ويدعيه لأن العتق حقه فأشبه سائر حقوقه .
ولنا أنها شهادة بعتق فلا تفتقر إلى تقديم الدعوى كعتق الأمة ويخالف سائر الحقوق لأنه حق الله تعالى لهذا لا يفتقر إلى قبول المعتق بدليل ذلك الأمة وما ذكروه يبطل بعتق الأمة فإن قيل : الأمة يتعلق بإعتاقها تحريم الوطء قلنا : هذا لا أثر فإن المنع لوجب تحريمها عليه ولا تسمع الشهادة يه إلا بعد الدعوى