من ردت شهادته وهو غير عدل لم تقبل منه وهو عدل .
مسألة : قال : ومن شهد بشهادة قد كان شهد بها وهو غير عدل وردت عليه لم تقبل منه في حال عدالته .
وجملته أن الحاكم إذا شهد عنده فاسق فرد شهادته لفسقه ثم تاب وأصلح وأعاد تلك الشهادة لم يكن له أن يقبلها وقال بهذا الشافعي وأصحاب الرأي وقال أبو ثور و المزني و داود : تقبل قال ابن المنذر : والنظر يدل على هذا لأنها شهادة عدل فتقبل كما لو شهد وهو كافر فردت شهادته ثم شهد بها بعد إسلامه .
ولنا أنه متهم في أدائها لأنه يعير بردها و لحقته غضاضة لكونها ردت بسبب نقص يتغير به وصلاح حاله بعد ذلك من فعله يزول به العار فتلحقه تهمة في أنه قصد إظهار العدالة وإعادة الشهادة لتقبل فيزول ما حصل بردها ولأن الفسق يخفى فيحتاج في معرفته إلى بحث واجتهاد فعند ذلك نقول شهادة مردودة بالاجتهاد فلا تقبل بالاجتهاد لأن ذلك يؤدي إلى نقض الاجتهاد بالاجتهاد وفارق ما إذا ردت شهادة كافر لكفره أو صبي لصغره أو عبد لرقه ثم أسلم الكافر وبلغ الصبي وعتق العبد وأعادوا تلك الشهادة فإنها لا ترد لأنها لم ترد أولا بالاجتهاد وإنما ردت باليقين ولأن البلوغ والحرية ليسا من فعل الشاهد فيتهم في أنه فعلهما لتقبل شهادته والكافر لا يرى في كفره عارا ولا يترك دينه من أجل شهادته ردت عليه .
وقد روي عن النخعي و الزهري و قتادة و أبي الزناد و مالك أنها ترد أيضا في حق من أسلم وبلغ وعن أحمد رواية أخرى كذلك لأنها شهادة مروءة فلم تقبل كشهادة من كان فاسقا وقد ذكرنا ما يقتضي فرقا بينهما فيفرقان وروي عن أحمد في العبد إذا ردت شهادته لرقه ثم عتق وادعى تلك الشهادة روايتان وقد ذكرنا أن الأولى أن شهادته تقبل لأن العتق من غير فعله وهو أمر يظهر بخلاف الفسق