تجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت .
مسألة : قال : وتجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت .
روي هذا عن ابن عباس وبه قال ابن سيرين و عطاء و الشعبي و الزهري و مالك و ابن أبي ليلى و إسحاق و ابن المنذر .
وقال أبو حنيفة و الشافعي : لا تقبل شهادته وروي ذلك عن النخعي و أبي هاشم واختلف عن الحسن و إياس و ابن أبي ليلى وأجاز الشافعي شهادته بالاستفاضة والترجمة وإذا أقر عند أذنه ويد الأعمى على رأسه ثم ضبطه حتى حضر عند الحاكم فشهد عليه ولم يجزها في غير ذلك لأن من لا تجوز شهادته على الأفعال لا تجوز على الأقوال كالصبي ولأن الأصوات تتشبه فلا يحصل اليقين فلن تجز أن يشهد بها كالخط .
ولنا قوله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } وسائر الآيات في الشهادة ولأنه رجل عدل مقبول الرواية فقبلت شهادته كالبصير وفارق الصبي فإنه ليس برجل ولا عدل ولا مقبول الرواية ولأن السمع أحد الحواس التي تحصل بها اليقين وقد يكون المشهود عليه من ألفه الأعمى وكثرت صحبته له وعرف صوته يقينا فيجب أن تقبل شهادته فيما تيقنه كالبصير ولا سبيل إلى إنكار حصول اليقين في بعض الأحوال .
قال قتادة : للسمع قيافة كقيافة البصر ولهذا قال أصحاب الشافعي : تقبل شهادته فيما يثبت بالاستفاضة ولا يثبت عندهم حتى يسمعها من عدلين ولا بد أن يعرف عدالتهما فإذا صح أن يعرف الشاهدين صح أن يعرف المقر ولا خلاف في قبول روايته وجواز استماعه من زوجته إذا عرف صوتها وصحة قبوله النكاح وجواز اشتباه الأصوات كجواز اشتباه الصور ويفارق الأفعال فإن مدركها الرؤية وهي غير ممكنة من الأعمى والأقوال مدركها السمع وهو يشارك البصير فيه وربما زاد عليه ويفارق الخط فإنه لو تيقن من كتب الخط أو رآه وهو يكتبه لم يجز أن يشهد بما كتب فيه إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز أن يشهد إلا إذا تيقن الصوت وعلم المشهود عليه يقينا فإن جواز أن يكون صوت غيره لم يجز أن يشهد به كما لو اشتبه على البصير المشهود عليه فلم يعرفه