مسألة وفصلان فيما لو قال كنت حكمت في ولايتي لفلان الخ .
مسألة : قال : وإذا عزل فقال كنت حكمت في ولايتي لفلان على فلان بحق قبل قوله وأمضى ذلك الحق .
وبهذا قال إسحاق قال أبو الخطاب ويحتمل أن لا يقبل قوله وقول القاضي في فروع هذه المسألة يقتضي أن لا يقبل قوله ههنا وهو قول أكثر الفقهاء لأن من لا يملك الحكم لا يملك الإقرار به كمن أقر بعتق عبد بعد بيعه ثم اختلفوا فقال الأوزاعي و ابن أبي ليلى هو بمنزلة الشاهد إذا كان معه شاهد آخر قبل وقال أصحاب الرأي لا يقبل إلا شاهدان سواه يشهدان بذلك وهو ظاهر مذهب الشافعي لأن شهادته على فعل نفسه لا تقبل .
ولنا أنه لو كتب إلى غيره ثم عزل ووصل الكتاب بعد عزله لزم المكتوب إليه قبول كتابه بعد عزل كاتبه فكذلك ههنا ولأنه أخبر بما حكم به وهو غير متهم فيجب قبوله كحال ولايته .
فصل : فأما إن قال في ولايته كنت حكمت لفلان بكذا قبل قوله سواء قال قضيت عليه بشاهدين عدلين أو قال سمعت بينته وعرفت عدالتهم أو قال قضيت عليه بنكوله أو قال أقر عندي فلان لفلان بحق فحكمت به وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي و أبو يوسف وحكي عن محمد بن الحسن أنه لا يقبل حتى يشهد معه رجل عدل لأن فيه إخبارا بحق على غيره فلم يقبل قول واحد كالشهادة .
ولنا أنه يملك الحكم فملك الإقرار به كالزوج إذا أخبر بالطلاق والسيد إذا أخبر بالعتق ولأنه لو أخبر أنه رأى كذا وكذا فحكم به قبل كذا ههنا وفارق الشهادة فإن الشاهد لا يملك إثبات ما أخبر به فأما إن قال حكمت بعلمي أو بالنكول أو بشاهد يمين في الأموال فإنه يقبل أيضا وقال الشافعي لا يقبل قوله في القضاء بالنكول وينبني قوله حكمت عليه بعلمي على القولين في جواز القضاء بعلمه لأنه لا يملك الحكم بذلك فلا يملك الإقرار به .
ولنا أنه أخبر بحكمه فيما لو حكم به لنفذ حكمه فوجب قبوله كالصور التي تقدمت ولأنه حاكم أخبر بحكمه في ولايته فوجب قبوله كالذي سلمه ولأن الحاكم إذا حكم في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد لم يسغ نقض حكمه ولزم غيره امضاؤه والعمل به فصار بمنزلة الحكم بالبينة العادلة ولا نسلم ما ذكره وإن قال حكمت لفلان على فلان بكذا ولم يضف حكمه إلى بينة ولا غيرها وجب قبوله وهو ظاهر مسألة الخرقي فإنه لم يذكر ما ثبت به الحكم وذلك لأن الحاكم متى ما حكم بحكم يسوغ فيه الاجتهاد وجب قبوله وصار بمنزلة ما أجمع عليه .
فصل : وإذا أخبر القاضي بحكمه في غير موضع ولايته فظاهر كلام الخرقي إن قوله مقبول وخبره نافذ لأنه إذا قبل قوله بحكمه بعد العزل وزوال ولايته بالكلية فلأن يقبل مع بقائها في غير موضع ولايته أولى وقال القاضي لا يقبل قوله وقال لو اجتمع قاضيان في غير ولايتهما كقاضي دمشق وقاضي مصر اجتمعا في بيت المقدس فأخبر أحدهما الآخر بحكم حكم به أو شهادة ثبتت عنده لم يقبل أحدهما قول صاحبه ويكونان كشاهدين أخبر أحدهما الآخر بما عنده وليس له أن يحكم به إذا رجع إلى عمله لأنه خبر من ليس بقاض في موضعه وإن كانا جميعا في عمل احدهما كأنهما اجتمعا جميعا في دمشق فإن قاضي دمشق لا يعمل بما أخبره به قاضي مصر لأنه يخبره به غير عمله وهل يعمل قاضي مصر بما أخبر به قاضي دمشق إذا رجع إلى مصر ؟ فيه وجهان : بناء على القاضي هل له أن يقضي بعلمه ؟ على روايتين لأن قاضي دمشق أخبره به في عمله ومذهب الشافعي في هذا كقول القاضي ههنا